صوته: أنا حجة الله عليكم، فاجتمعوا عليه وقالوا: ما تريد؟ فقال: أريد أن الشيخ يوسف يمكنني من منبره ويأمر تلامذته أن يحضروا تحت منبري، فأخبروا الشيخ يوسف بذلك، وحيث أنه يومئذ كان عادلا عن مذهب الأخبارية خائفا من اظهار ذلك من جهالهم طابت نفسه بالإجابة... (1).
يعد هذا مبدأ تحول عظيم في تأريخ التشيع، إذ اتفق الجل - إن لم نقل الكل - على أنه لولا هذه الحركة المباركة والهجرة العلمية لكان اليوم مسير الفقه الشيعي وتأريخ الاجتهاد والاستنباط بشكل آخر.
يحدثنا تلميذ المترجم المولى الحائري في كتابه " منتهى المقال " عن هذه الهجرة فيقول:
وكلما يخطر بخاطره الشريف الارتحال منها إلى بعض البلدان تغير الدهر و تنكد الزمان، فرأى الإمام (عليه السلام) في المنام يقول له: (لا أرضى لك أن تخرج من بلدي)، فجزم العزم على الإقامة بذلك النادي، وقد كانت بلدان العراق - سيما المشهدين الشريفين - مملوءة قبل قدومه من معاشر الأخباريين، بل ومن جاهليهم والقاصرين، حتى أن الرجل منهم كان إذا أراد حمل كتاب من كتب فقهائنا رضي الله عنهم حمله مع منديل، وقد أخلى الله البلاد منهم ببركة قدومه واهتدى المتحيرة في الأحكام بأنوار علومه. وبالجملة، كل من عاصره من المجتهدين، فإنما أخذ من فوائده واستفاد من فرائده... (2).
نعم، تعد هذه الهجرة المباركة - بحق - منشأ لخدمات كبيرة وآثار عظيمة في عالم الإسلام.