بالظنون التي ذكرت، إلا أنه اتفق خطأ ظنون أحدهما، وصارت عباداته (1) مخالفة للواقع بخلاف الآخر، فكيف يعاقب بالنسبة إلى كل واحد واحد من واجباته ومحرماته عقابا، كل واحد من العقابات على حدة، ولا يمكن وصف شدة كل واحد من العقابات؟! والآخر يعطى الجنة ومثوباتها (2) العظيمة التي لا يمكن وصف واحد منها، كل ذلك بمحض الاتفاق، بأن اتفق أن عبادة هذا صارت خطأ، واتفق أن عبادة هذا وافقت الواقع، مع عدم تفاوت أصلا في فعلهما وعنايتهما (3)، وبذل جهدهما، بل وربما كان العناية (4) وبذل الجهد من الخاطئ أكثر، وظنه أقوى وأشد.
فإن قلت: بناء الفقه على الظنون، والمرء متعبد بظنه.
قلت: إن أردت من الظنون ما هو معتبر شرعا فمسلم، لكن الكلام في اعتباره، ولم يثبت، بل وثبت خلافه كما عرفت، بل الأوامر الواردة في وجوب تحصيل العلم والمعرفة، والتأكيدات، والتشديدات، والوعيدات، والتهديدات لم ترد إلا لأجل أن لا يعتمد على أمثال هذه الظنون.
وإن أردت كل ظن وأن الكل معتبر شرعا فممنوع، بل وفاسد كما عرفت (5).
مع أنه يلزم على هذا صحة عبادته (6) وإن كانت مخالفة لما أمر به، بل