المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٤١٤
على الظرف لأنه بمعنى فوقهم وقرأت عائشة رضي الله عنها (علتهم) بتاء فعل ماض وقرا مجاهد وقتادة وابن سيرين وأبوحيوة (عليهم) و (السندس) رقيق الديباج والمرتفع منه وقيل (السندس) الحرير الأخضر و (الإستبرق) والدمقس هو الأبيض والأرجوان هو الأحمر وقرأ حمزة والكسائي (خضر وإستبرق) بالكسر فيهما وهي قراءة الأعمش وطلحة ورويت عن الحسن وابن عمر بخلاف عنه على أن (خضر) نعت للسندس وجائز جمع صفة الجنس إذا كان اسما مفردا كما قالوا أهلك الناس الدينار الصفر والدرهم الأبيض وفي هذا قبح والعرب تفرد اسم الجنس وهو جمع أحيانا فيقولون حصى أبيض وفي القرآن * (الشجر الأخضر) * يس 80 و * (نخل منقعر) * القمر 20 فكيف بأن لا يفرد هذا الذي هو صفة لواحد في معنى جمع (وإستبرق) في هذه القراءة عطف على * (سندس) * وقرا نافع وحفص عن عاصم والحسن وعيسى (خضر وإستبرق) بالرفع فيهما (خضر) نعت ل * (ثياب) * و (إستبرق) عطف على الثياب وقرا أبو عمرو وابن عامر خضر بالرفع صفة ل * (ثياب) * وإستبرق خفضا عطف على * (سندس) * وقرأ ابن كثير وعاصم في رواية أبي بكر (خضر) خفضا (وإستبرق) رفعا فخفض (خضر) على ما تقدم أولا (وإستبرق) على الثياب والاستبراق غليظ الديباج وقرا ابن محيصن (وإستبرق) موصولة الألف مفتوحة القاف كأنه مثال الماضي من برق وإستبرق وتعجب واستعجب قال أبو حاتم لا يجوز والصواب انه اسم جنس لا ينبغي ان يحمل ضميرا ويؤيد ذلك دخول اللام المعرفة عليه والصواب فيه الألف واجراؤه على قراءة الجماعة وقرا أبوحيوة (عليهم ثياب) بالرفع (سندس خضر وإستبرق) رفعا في الثلاثة وقوله تعالى * (وحلوا) * أي جعل لهم حلي و * (أساور) * جمع أسورة وأسورة جمع سوار وهي من حلي الذراع وقوله تعال * (شرابا طهورا) * قال أبو قلابة والنخعي معناه لا يصير بولا بل يكون رشحا من الأبدان أطيب من المسك وهنا محذوف يقتضيه القول تقديره يقول الله لهم والملائكة عنه * (إن هذا كان لكم جزاء) * الآية وقوله تعالى * (إنا نحن نزلنا) * الآية تثبيت لمحمد عليه السلام وتقوية لنفسه على أفعال قريش وأقوالهم وحكم ربه هو ان يبلغ ويكافح ويتحمل المشقة ويصبر على الأذى ليعذر الله إليهم وقوله تعالى * (آثما أو كفورا) * هو تخيير في أن يعرف الذي ينبغي ان لا يطيعه بأي وصف كان من هذين لأن كل واحد منهم فهو آثم وهو كفور ولم تكن الأمة حينئذ من الكثرة بحيث يقع الاثم على العاصي قال القاضي أبو محمد واللفظ أيضا يقتضي نهي الامام عن طاعة آثم من العصاة أو كفور من المشركين وقال أبو عبيدة * (أو) * بمعنى الواو وليس في هذا تخيير ثم امره تعالى بذكر ربه دأبا * (بكرة وأصيلا) * ومن الليل بالسجود والتسبيح الذي هو الصلاة ويحتمل ان يريد قول سبحان الله وذهب قوم من أهل العلم إلى أن هذه الآية إشارة إلى الصلوات الخمس منهم ابن حبيب وغيره فالبكرة صلاة الصبح والأصيل الظهر والعصر * (ومن الليل) * المغرب والعشاء وقال ابن زيد وغيره كان هذا فرضا ونسخ فلا فرض الا الخمس وقال قوم هو محكوم على وجه الندب
(٤١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 409 410 411 412 413 414 415 416 417 418 419 ... » »»