المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٢٥٣
(وكان شكر القوم عند المنى * كي الصحيحات وفقء الأعين) السريع وقد أخبر الله تعالى أنه انزل من السماء ماء مباركا فأنبت به جنات وحب الحصيد والنخل باسقات لها طلع نضيد رزقا للعباد فهذا معنى قوله * (أنكم تكذبون) * أي بهذا الخبر وقرا عاصم في رواية المفضل عنه (تكذبون) بفتح التاء وسكون الكاف وتخفيف الدال كقراءة علي بن أبي طالب وكذبهم في مقالتهم بين لأنهم يقولون هذا بنوء كذا وذلك كذب منهم وتخرص وذكر الطبري ان النبي عليه السلام سمع رجلا يقول مطرنا ببعض عثانين الأسد فقال له (كذبت بل هو رزق الله) قال القاضي أبو محمد والنهي عنه المكروه هو ان يعتقد ان للطالع من النجوم تأثيرا في المطر واما مراعاة بعض الطوالع على مقتضى العادة فقد قال عمر للعباس وهما في الاستسقاء يا عباس يا عم النبي عليه السلام كم بقي من نوء الثريا فقال العباس العلماء يقولون إنها تتعرض في الأفق بعد سقوطها سبعا قال ابن المسيب فما مضت سبع حتى مطروا وقوله تعالى * (فلولا إذا بلغت الحلقوم) * توقيف على موضع عجز يقتضي النظر فيه ان الله تعالى ملك كل شيء والضمير في * (بلغت) * لنفس الإنسان والمعنى يقتضيها وإن لم يتقدم لها ذكر و * (الحلقوم) * مجرى الطعام وهذه الحال هي نزاع المرء للموت وقوله * (وأنتم) * إشارة إلى جميع البشر وهذا من الاقتضاب كقوله تعالى * (ولا تقتلوا أنفسكم) * النساء 29 وقرا عيسى بن عمر (حينئذ) بكسر النون و * (تنظرون) * معناه إلى المنازع في الموت وقوله تعالى * (ونحن أقرب إليه منكم) * يحتمل ان يريد ملائكته ورسله ويحتمل ان يريد بقدرتنا وغلبتنا فعلى الاحتمال يجيء قوله * (ولكن لا تبصرون) * من البصر بالعين وعلى التأويل الثاني يجيء من البصر بالقلب وقال عامر بن عبد قيس ما نظرت إلى شيء الا رأيت الله أقرب اليه مني ثم عاد التوقيف والتقرير ثانية بلفظ التحضيض والمدين المملوك هذا أصح ما يقال في معنى اللفظة هنا ومن عبر عنها بمجازي أو بمحاسب فذلك هنا قلق والمملوك يقلب كيف يشاء المالك ومن هذا الملك قول الأخطل (ربت وربا في حجرها ابن مدينة * تراه على مسحاته يتركل) الطويل أراد ابن أمة مملوكة وهو عبد يخدم الكرم وقد قيل في معنى هذا البيت أراد اكارا حضريا لأن الاعراب في البادية لا يعرفون الفلاحة وعمل الكرم فنسبه إلى المدينة لما كان من أهلها فبمعنى الآية فلولا ترجعون النفس البالغة الحلقوم ان كنتم غير مملوكين مقهورين ودين الملك حكمه وسلطانه وقد نحا إلى هذا المعنى الفراء وذكره مستوعبا النقاش وقوله * (ترجعونها) * سدت مسد الأجوبة والبيانات التي يقتضيها التحضيضات و * (إذا) * من قوله
(٢٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 ... » »»