المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٢٤٨
التي في هذه الآية معادلة عند قوم من النحاة واما إذا تغاير الفعلان فليست بمعادلة إجماعا وقرأ الجمهور (تمنون) بضم التاء وقرا ابن عباس وأبو السمال (تمنون) بفتح التاء ويقال امنى الرجل ومنى بمعنى واحد وقرا جمهور القراء (قدرنا) بشد الدال وقرأ كثير وحده (قدرنا) بتخفيفها والمعنى فيها يحتمل أن يكون بمعنى قضينا وأثبتنا ويحتمل ان يكون بمعنى سوينا وعدلنا التقدم والتأخر أي جعلنا الموت رتبا ليس يموت العالم دفعة واحدة بل بترتيب لا يعدوه أحد وقال الطبري معنى الآية (قدرنا بينكم الموت على أن نبدل أمثالكم) أي تموت طائفة ونبدلها بطائفة هكذا قرنا بعد قرن وقوله " وما نحن بمسبوقين " على تبديلكم إن أردناه وإن ننشئكم بأوصاف لا يصلها عملكم ولا يحيط بها كفركم قال الحسن من كونكم قردة وخنازير قال القاضي أبو محمد تأول الحسن هذا لأن الآية تنحو إلى الوعيد وجاءت لفظة (السبق) هنا على نحو قوله عليه السلام (فإن استطعتم ان لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها فافعلوا لا تفوتنكم) وقرأ جمهور الناس (النشأة) بسكون الشين وقرأ قتادة وأبو الأشهب وأبو عمر وبخلاف (النشأة) بفتح الشين والمد وقال أكثر المفسرين أشار إلى خلق آدم ووقف عليه لأنه لا تجد أحدا ينكر أنه من ولد آدم وانه من طين وقال بعضهم أراد ب * (النشأة الأولى) * نشأة إنسان إنسان في طفوليته فيعلم المرء نشأته كيف كانت بما يري من نشأة غيره ثم حضض على التذكر والنظر المؤدي إلى الإيمان وقرأ الجمهور (تذكرون) مشددة الذال وقرا طلحة (تذكرون) بسكون الذال وضم الكاف وهذه الآية نص في استعمال القياس والحض عليه قوله عز وجل سورة الواقعة 63 - 74 وقف تعالى الكفار على امر الزرع الذي هو قوام العيش وبين لكل مفطور ان الحراث الذي يثير الأرض ويفرق الحب ليس يفعل في نبات الزرع شيء وقد يسمى الإنسان زارعا ومنه قوله عز وجل
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»