هذا وذلك فسواء هذا تحرير مذهب أصحابنا الأصوليين رحمهم الله سورة آل عمران 106 - 107 والعامل في قوله * (يوم) * الفعل الذي تتعلق به اللام في قوله * (ولهم عذاب عظيم) * آل عمران 105 أنه قال الزجاج تقديره ويثبت لهم عذاب عظيم قال القاضي وذلك ضعيف من جهة المعنى لأنه يقتضي أن عظم العذاب في ذلك اليوم ولا يجوز أن يكون العامل قوله عذاب لأنه مصدر قد وصف وبياض الوجوه عبارة عن إشراقها واستنارتها وبشرها برحمة الله أنه قال الزجاج وغيره ويحتمل عندي أن يكون ذلك من آثار الوضوء كما أنه قال النبي صلى الله عليه وسلم أنتم الغر المحجلون من آثار الوضوء وأما سواد الوجوه فقال المفسرين هي عبارة عن اربدادها وإظلامها بغمم العذاب ويحتمل أن يكون ذلك تسويدا ينزله الله بهم على جهة التشويه والتمثيل بهم على نحو حشرهم زرقا وهذه أقبح طلعة ومن ذلك قول بشار (وللبخيل على أمواله علل * زرق العيون عليها أوجه سود) البسيط وقرأ يحيى بن وثاب تبيض وتسود بكسر التاء وقرأ الزهري تبياض وجوه وتسواد وجوه بألف وهي لغة ولما كان صدر هذه الآية إخبارا عن حال لا تخص أحدا معينا بدىء بذكر البياض لشرفه وأنه الحالة المثلى فلما فهم المعنى وتعين له الكفار والمؤمنون بدىء بذكر الذين اسودت وجوههم للاهتمام بالتحذير من حالهم وقوله تعالى * (أكفرتم) * تقرير وتوبيخ متعلق بمحذوف تقديره فيقال لهم أكفرتم وفي هذا المحذوف هو جواب أما وهذا هو فحوى الخطاب وهو أن يكون في الكلام شيء مقدر لا يستغني المعنى عنه كقوله تعالى * (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة) * البقرة 184 المعنى فأفطر فعدة وقوله تعالى * (بعد إيمانكم) * يقتضي أن لهؤلاء الموقنين إيمانا متقدما فاختلف أهل التأويل في تعيينهم فقال أبي بن كعب الموقفون جميع الكفار والإيمان الذي قيل لهم بسببه * (بعد إيمانكم) * هو الإيمان الذي أقروا به يوم قيل لهم ألست بربكم قالوا بلى وقال أكثر المتأولين إنما عني بالتوقيف في هذه الآية أهل القبلة من هذه الأمة ثم اختلفوا فقال الحسن الآية في المنافقين يؤمنون بألسنتهم ويكفرون بقلوبهم فيقال لهم * (أكفرتم بعد إيمانكم) * أي ذلك الإيمان بألسنتهم وقال السدي هي فيمن كفر من أهل القبلة حين اقتتلوا وقال أبو أمامة الآية في الخوارج وقال قتادة الآية في أهل الردة ومنه الحديث ليردن علي الحوض رجال من أصحابي حتى إذا رفعوا إلي اختلجوا فأقول أصحابي أصحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول فسحقا فسحقا وفي بعض طرقه فأناديهم ألا هلم ألا هلم وذكر النحاس قولا إن الآية في اليهود وذلك أنهم آمنوا بصفة محمد واستفتحوا به فلما جاءهم من غيرهم كفروا فهذا كفر بعد إيمان وروي عن مالك أنه أنه قال الآية في أهل الأهواء
(٤٨٧)