قال القاضي إن كان هذا ففي المجلحين منهم القائلين ما هو كفر وروي حديث أن الآية في القدرية وقال أبو أمامة سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها في الحرورية وقد تقدم عنه أنها في الخوارج وهو قول واحد وما في قوله * (بما كنتم) * مصدرية وقوله تعالى * (ففي رحمة الله) * أي في النعيم الذي هو موجب رحمة الله وقوله بعد ذلك * (هم فيها) * تأكيد بجملتين إذ كان الكلام يقوم دونها سورة آل عمران 108 - 110 الإشارة بتلك إلى هذه الآيات المتقدمة المتضمنة تعذيب الكفار وتنعيم المؤمنين ولما كان فيها ذكر التعذيب أخبر تعالى أنه لا يريد أن يقع منه ظلم لأحد من العباد وإذا لم يرد ذلك فلا يوجد البتة لأنه لا يقع من شيء إلا ما يريد تعالى وقوله تعالى * (بالحق) * معناه بالإخبار الحق ويحتمل أن يكون المعنى * (نتلوها عليك) * مضمنة الأفاعيل التي هي حق في أنفسها من كرامة قوم وتعذيب آخرين وقرأ أبو نهيك يتلوها بالياء وجاء الإعلام بأنه تعالى لا يريد ظلما في حكمه فإذا لا يوجد ولما كان للذهن أن يقف هنا في الوجه الذي به خص الله قوما بعمل يرحمهم من أجله وآخرين بعمل يعذبهم عليه ذكر تعالى الحجة القاطعة في ملكه جميع المخلوقات وأن الحق لا يعترض عليه وذلك في قوله * (ولله ما في السماوات وما في الأرض) * الآية وقال " ما " ولم يقل من من حيث هي جمل وأجناس وذكر الطبري أن بعض البصريين نظر قوله تعالى * (وإلى الله) * فأظهر الاسم ولم يقل إليه بقول الشاعر (لا أرى الموت يسبق الموت شيء * نغص الموت ذا الغنى والفقيرا) وما جرى مجراه وقاله الزجاج وحكي أن العرب تفعل ذلك إرادة تفخيم الكلام والتنبيه على عظم المعنى قال القاضي أبو محمد والآية تشبه البيت في قصد فخامة النظم وتفارقه من حيث الآية جملتان مفترقتان في المعنى فلو تكررت جمل كثيرة على هذا الحد لحسن فيها كلها إظهار الاسم وليس التعرض بالضمير في ذلك بعرف وأما البيت وما أشبهه فالضمير فيه هو العرف إذ الكلام في معنى واحد ولا يجوز إظهار الاسم إلا في المعاني الفخمة في النفوس من التي يؤمن فيها اللبس على السامع وقرأ بعض السبعة ترجع الأمور بفتح التاء على بناء الفعل للفاعل وقد تقدم ذكر ذلك واختلف المتأولون في معنى قوله * (كنتم خير أمة أخرجت للناس) * فقال عمر بن الخطاب هذه
(٤٨٨)