فكأنها إشارة إلى العدالة وقوله تعالى * (من رجالكم) * نص في رفض الكفار والصبيان والنساء وأما العبيد فاللفظ يتناولهم واختلف العلماء فيهم فقال شريح وإسحاق بن راهويه وأحمد بن حنبل شهادة العبد جائزة إذا كان عدلا وغلبوا لفظ الآية وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة وجمهور العلماء لا تجوز شهادة العبد وغلبوا نقص الرق واسم كان الضمير الذي في قوله * (يكونا) * والمعنى في قول الجمهور فإن لم يكن المستشهد رجلين أي إن أغفل ذلك صاحب الحق أو قصده لعذر ما وقال قوم بل المعنى فإن لم يوجد رجلان ولا يجوز استشهاد المرأتين إلا مع عدم الرجال وهذا قول ضعيف ولفظ الآية لا يعطيه بل الظاهر منه قول الجمهور وقوله * (فرجل وامرأتان) * مرتفع بأحد ثلاثة أشياء إما أن تقدر فليستشهد رجل وامرأتان وإما فليكن رجل وامرأتان ويصح أن تكون * (يكونا) * هذه التامة والناقصة ولكن التامة أشبه لأنه يقل الإضمار وإما فرجل وامرأتان يشهدون وعلى كل وجه فالمقدر هو العامل في قوله * (أن تضل إحداهما) * وروى حميد بن عبد الرحمن عن بعض أهل مكة أنهم قرؤوا وامرأتان بهمز الألف ساكنة قال ابن جني لا نظير لتسكين الهمزة المتحركة على غير قياس وإنما خففوا الهمزة فقربت من الساكن ثم بالغوا في ذلك فصارت الهمزة ألفا ساكنة كما أنه قال الشاعر (يقولون جهلا ليس للشيخ عيل * لعمري لقد أعيلت وأن رقوب) الطويل يريد وأنا ثم بعد ذلك يدخلون الهمزة على هذه الألف كما هي وهي ساكنة وفي هذا نظر ومنه قراءة ابن كثير عن ساقيها وقولهم يا ذو خاتم أنه قال أبو الفتح فإن قيل شبهت الهمزة بالألف في أنها ساوتها في الجهر والزيادة والبدل والحذف وقرب المخرج وفي الخفاء فقول مخشوب لا صنعة فيه ولا يكاد يقنع بمثله وقوله تعالى * (ممن ترضون من الشهداء) * رفع في موضع الصفة لقوله عز وجل * (فرجل وامرأتان) * قال أبو علي ولا يدخل في هذه الصفة قوله * (شهيدين) * اختلاف الإعراب قال القاضي أبو محمد وهذا حكم لفظي وأما المعنى فالرضى شرط في الشهيدين كما هو في الرجل والمرأتين قال ابن بكير وغيره قوله * (ممن ترضون) * مخاطبة للحكام قال القاضي أبو محمد وهذا غير نبيل إنما الخطاب لجميع الناس لكن المتلبس بهذه القضية إنما هم الحكام وهذا كثير في كتاب الله يعم الخطاب فيما يتلبس به البعض وفي قوله * (ممن ترضون) * دليل على أن في الشهود من لا يرضى فيجيء من ذلك أن الناس ليسوا بمحمولين على العدالة حتى تثبت لهم وقرأ حمزة وحده إن تضل بكسر الألف وفتح التاء وكسر الضاد فتذكر بفتح الذال ورفع الراء وهي قراءة الأعمش وقرأها الباقون أن تضل بفتح الألف فتذكر بنصب الراء غير أن ابن كثير وأبا عمرو خففا الذال والكاف وشددها الباقون وقد تقدم القول فيما هو العامل في قوله * (أن تضل) * و * (أن) * مفعول من أجله والشهادة لم تقع لأن تضل إحداهما وإنما وقع إشهاد امرأتين لأن تذكر
(٣٨١)