نزلت لأنه كان يطوف الرجل في القوم الكثير يطلب من يشهد له فيتحرجون هم عن الشهادة فلا يقوم معه أحد فنزلت الآية في ذلك وقال الحسن بن أبي الحسن الآية جمعت أمرين لا تأب إذا دعيت إلى تحصيل الشهادة ولا إذا دعيت إلى أدائها وقاله ابن عباس وقال مجاهد معنى الآية لا تأب إذا دعيت إلى أداء شهادة قد حصلت عندك وأسند النقاش إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه فسر الآية بهذا أنه قال مجاهد فأما إذا دعيت لتشهد أولا فإن شئت فاذهب وإن شئت فلا تذهب وقاله لاحق بن حميد وعطاء وإبراهيم وابن جبير والسدي وابن زيد وغيرهم قال القاضي أبو محمد والآية كما أنه قال الحسن جمعت أمرين على جهة الندب فالمسلمون مندوبون إلى معونة إخوانهم فإذا كانت الفسحة لكثرة الشهود وإلا من تعطل الحق فالمدعو مندوب وله أن يتخلف لأدنى عذر وإن تخلف لغير عذر فلا إثم عليه ولا ثواب له وإذا كانت الضرورة وخيف تعطل الحق أدنى خوف قوي الندب وقرب من الوجوب وإذا علم أن الحق يذهب ويتلف بتأخر الشاهد عن الشهادة فواجب عليه القيام بها لا سيما إن كانت محصلة وكان الدعاء إلى أدائها فإن هذا الظرف آكد لأنها قلادة في العنق وأمانة تقتضي الأداء * (ولا تسأموا) * معناه تملوا و * (صغيرا أو كبيرا) * حالان من الضمير في * (تكتبوه) * وقدم الصغير اهتماما به وهذا النهي الذي جاء عن السآمة إنما جاء لتردد المداينة عندهم فخيف عليهم أن يملوا الكتب و * (أقسط) * معناه أعدل وهذا أفعل من الرباعي وفيه شذوذ فانظر هل هو من قسط بضم السين كما تقول أكرم من كرم يقال * (أقسط) * بمعنى عدل وقسط بمعنى جار ومنه قوله تعالى * (وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا) * الجن 15 ومن قدر قوله تعالى * (وأقوم للشهادة) * بمعنى وأشد إقامة فذلك أيضا أفعل من الرباعي ومن قدرها من قام بمعنى اعتدل زال عن الشذوذ * (وأدنى) * معناه أقرب و * (ترتابوا) * معناه تشكوا وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي يسأموا ويكتبوا ويرتابوا كلها بالياء على الحكاية عن الغائب سورة البقرة 282 لما علم الله تعالى مشقة الكتاب عليهم نص على ترك ذلك ورفع الجناح فيه في كل مبايعة بنقد وذلك في الأغلب إنما هو في قليل كالمطعوم ونحوه لا في كثير كالأملاك ونحوها وقال السدي والضحاك هذا فيما كان يدا بيد تأخذ وتعطي وأن في موضع نصب على الاستثناء المنقطع وقوله تعالى * (تديرونها بينكم) * يقتضي التقابض والبينونة بالمقبوض ولما كانت الرباع والأرض وكثير من الحيوان لا تقوى البينونة به ولا يعاب عليه حسن الكتب فيها ولحقت في ذلك بمبايعة الدين وقرأ عاصم وحده تجارة نصبا وقرأ الباقون تجارة رفعا أنه قال أبو علي وأشك في ابن عامر وإذا أتت بمعنى حدث ووقع غنيت
(٣٨٣)