سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل أمر الله تعالى الذي عليه الحق بالإملاء لأن الشهادة إنما تكون بحسب إقراره وإذا كتبت الوثيقة وأقر بها فهو كإملاء له وأمره الله بالتقوى فيما يملي ونهي عن أن * (يبخس) * شيئا من الحق والبخس النقص بنوع من المخادعة والمدافعة وهؤلاء الذين أمروا بالإملاء هم المالكون لأنفسهم إذا حضروا ثم ذكر الله تعالى ثلاثة أنواع تقع نوازلهم في كل زمن فقال * (فإن كان الذي عليه الحق سفيها) * وكون الحق يترتب في جهات سوى المعاملات كالمواريث إذا قسمت وغير ذلك والسفيه المهلهل الرأي في المال الذي لا يحسن الأخذ لنفسه ولا الإعطاء منها مشبه بالثوب السفيه وهو الخفيف النسج والسفه الخفة ومنه قول الشاعر وهو ذو الرمة (مشين كما اهتزت رماح تسفهت * أعاليها مر الرياح النواسم) الطويل وهذه الصفة في الشريعة لا تخلو من حجر أب أو وصي وذلك هو وليه ثم أنه قال * (أو ضعيفا) * والضعيف هو المدخول في عقله الناقص الفطرة وهذا أيضا قد يكون وليه أبا أو وصيا الذي لا يستطيع أن يمل هو الصغير و * (وليه) * وصيه أو أبوه والغائب عن موضع الإشهاد إما لمرض أو لغير ذلك من العذر و * (وليه) * وكيله وأما الأخرس فيسوغ أن يكون من الضعفاء والأولى أنه ممن لا يستطيع فهذه أصناف تتميز ونجد من ينفرد بواحد واحد منها وقد يجتمع منها اثنان في شخص واحد وربما اجتمعت كلها في شخص وهذا الترتيب ينتزع من قول مالك وغيره من العلماء الحذاق وقال بعض الناس السفيه الصبي الصغير وهذا خطأ وقال قوم الضعيف هو الكبير الأحمق وهذا قول حسن وجاء الفعل مضاعفا في قوله * (أن يمل) * لأنه لو فك لتوالت حركات كثيرة والفك في هذا الفعل لغة قريش و * (بالعدل) * معناه بالحق وقصد الصواب وذهب الطبري إلى أن الضمير في * (وليه) * عائد على * (الحق) * وأسند في ذلك عن الربيع وعن ابن عباس قال القاضي أبو محمد وهذا عندي شيء لا يصح عن ابن عباس وكيف تشهد على البينة على شيء وتدخل مالا في ذمة السفيه بإملاء الذي له الدين هذا شيء ليس في الشريعة والقول ضعيف إلا أن يريد قائله أن الذي لا يستطيع * (أن يمل) * بمرضه إذا كان عاجزا عن الإملاء فليمل صاحب الحق بالعدل ويسمع الذي عجز فإذا كمل الإملاء أقر به وهذا معنى لم تعن الآية إليه ولا يصح هذا إلا فيمن لا يستطيع أن يمل بمرض قوله عز وجل " واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحدهما فتذكر إحدهما الأخرى " الاستشهاد طلب الشهادة وعبر ببناء مبالغة في * (شهيدين) * دلالة على من قد شهد وتكرر ذلك منه
(٣٨٠)