فاعله وأصل * (يضار) * على القول الثاني يضارر بفتح الراء وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعن ابن مسعود ومجاهد أنهم كانوا يقرؤون ولا يضارر بالفك وفتح الراء الأولى وهذا على معنى أن يبدأهما بالضرر طالب الكتبة والشهادة وذكر ذلك الطبري عنهم في ترجمة هذا القول وفسر القراءة بهذا المعنى فدل ذلك على أن الراء الأولى مفتوحة كما ذكرنا وحكى أبو عمرو الداني عن عمر بن الخطاب وابن عباس وابن أبي إسحاق ومجاهد أن الراء الأولى مكسورة وحكى عنهم أيضا فتحها وفك الفعل هي لغة أهل الحجاز والإدغام لغة تميم وقرأ أبو جعفر بن القعقاع وعمرو بن عبيد ولا يضار بجزم الراء أنه قال أبو الفتح تسكين الراء مع التشديد فيه نظر ولكن طريقه أجرى الوصل مجرى الوقف وقرأ عكرمة ولا يضارر بكسر الراء الأولى كاتبا ولا شهيدا بالنصب أي لا يبدأهما صاحب الحق بضرر ووجوه المضارة لا تنحصر وروى مقسم عن عكرمة أنه قرأ ولا يضار بالإدغام وكسر الراء للالتقاء وقرأ ابن محيصن ولا يضار برفع الراء مشددة أنه قال ابن مجاهد ولا أدري ما هذه القراءة قال أبو الفتح هذا الذي أنكره ابن مجاهد معروف وذلك على أن تجعل * (لا) * نفيا أي ليس ينبغي أن يضار كما أنه قال الشاعر (على الحكم المأتي يوما إذا انقضى * قضيته أن لا يجوز ويقصد) الطويل فرفع ويقصد على إرادة وينبغي أن يقصد فكذلك يرتفع ولا يضار على معنى وينبغي أن لا يضار أنه قال وإن شئت كان لفظ خبر على معنى النهي قال القاضي أبو محمد وهذا قريب من النظر الأول وقوله تعالى * (وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم) * من جعل المضارة المنهي عنها زيادة الكاتب والشاهد فيما أملي عليهما أو نقصهما منه فالفسوق على عرفه في الشرع وهو مواقعة الكبائر لأن هذا من الكذب المؤذي في الأموال والأبشار وفيه إبطال الحق ومن جعل المضارة المنهي عنها أذى الكاتب والشاهد بأن ياق لهما أجيبا ولا تخالفا أمر الله أو جعلها امتناعهما إذا دعيا فالفسوق على أصله في اللغة الذي هو الخروج من شيء كما يقال فسقت الفأرة إذا خرجت من جحرها وفسقت الرطبة فكأن فاعل هذا فسق عن الصواب والحق في هذه النازلة ومن حيث خالف أمر الله في هذه الآية فيقرب الأمر من الفسوق العرفي في الشرع وقوله * (بكم) * تقديره فسوق حال بكم وباقي الآية موعظة وتعديد نعمه والله المستعان والمفضل لا رب غيره وقيل إن معنى الآية الوعد بأن من اتقى علم الخير وألهمه سورة البقرة 283 لما ذكر الله تعالى الندب إلى الإشهاد والكتب لمصلحة حفظ الأموال والأديان عقب ذلك بذكر حال
(٣٨٥)