أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٣ - الصفحة ٦٥
لأنه غرر؛ إذ لا يدري هل يجده أم لا؟ والدليل على جوازه أن المقصود بالزعامة تنزيل الزعيم مقام الأصل والمقصود من حضور الأصل أداء المال فكذلك الزعيم ومسائل الضمان كثيرة ذكرناها في مسائل الخلاف والفروع المسألة الرابعة كما أن لفظ الآية نص في الزعامة فمعناها نص في الجعالة وهي نوع من الإجارة لكن الفرق بين الجعالة والإجارة أن الإجارة يتقدر فيها العوض والمعوض من الجهتين والجعالة يتقدر فيها الجعل والعمل غير مقدر ودليله أن الله سبحانه شرع البيع والابتياع في الأموال لاختلاف الأغراض وتبدل الأحوال فلما دعت الحاجة إلى انتقال الأملاك شرع لها سبيل البيع وبين أحكامه ولما كانت المنافع كالأموال في حاجة إلى استيفائها؛ إذ لا يقدر كل أحد أن يتصرف لنفسه في جميع أغراضه نصب الله الإجارة في استيفاء المنافع بالأعواض لما في ذلك من حصول الإغراض وأنكرها الأصم وهو عن الشريعة أصم؛ فقد فعل النبي الإجارة وفعلها الصحابة وقد بيناها في كتب الخلاف المسألة الخامسة فإذا ثبت هذا فقد يمكن تقدير العمل بالزمان كقوله تخدمني اليوم وقد يقول تخيط لي هذا الثوب؛ فيقدر العمل بالوجهين وقد يتعذر تقدير العمل كقوله من جاءني بضالتي أو جلب عبدي الآبق فله كذا فأحد العوضين لا يصح تقديره والعوض الآخر لا بد من تقديره فإن ما يسقط بالضرورة لا يتعدى سقوطه إلى ما لا ضرورة فيه والأصل فيه الحديث الذي قدمنا من أخذ الأجرة على الرقية وهو عمل لا يتقدر وقد كانت الإجارة والجعالة قبل الإسلام فأقرتهما الشريعة ونفت عنهما الغرر والجهالة وقد بينا ذلك في كتب المسائل
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»