قالوا هذه خاصة خرجت من مجرى الطبيعة لا يعرف لها سبب وجمعوا من ذلك ما لا يحصى كثرة؛ فهذا الذي نقله الرواة عن صاحب الشريعة خواص شرعية بحكم إلهية يشهد لصدقها وجودها كما وصفت؛ فإنا نرى العائن إذا برك امتنع ضرره وإن اغتسل شفي معينه وهذا بالغ في فنه فلينظر على التمام في مواضعه من كتب الأصول وشرح الحديث؛ وهذه النبذة تكفي في هذه العارضة المسألة الثالثة قوله (* (ما كان يغني عنهم من الله من شيء إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها) *)) قالوا هذا يدل على أنه حملهم على التفرق مخافة العين ثم قال وهذا لا يرد القدر إنما هو أمر تأنس به النفوس وتتعلق به القلوب؛ إذ خلقت ملاحظة للأسباب ويفترق اعتقاد الخلق؛ فمن لحظ الأسباب من حيث إنها أسباب في العادة لا تفعل شيئا وإنا هي علامات؛ فهو الموحد ومن نسبه إليها فعلا واعتقدها مدبرة فهو الجاهل أو الملحد الآية السادسة عشرة قوله تعالى (* (فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون) *) [الآية 7] الآية فيها ثلاث مسائل المسألة الأولى إنما جعل السقاية حيلة في الظاهر لأخذ الأخ منهم؛ إذ لم يكن ذلك ممكنا له ظاهرا من غير إذن من الله [ولم يمنع الحيلة] والله قادر على الظاهر والباطن حكيم في تفصيل الحالين
(٦٢)