أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٣ - الصفحة ٦٩
في شرع يعقوب استرقاق السارق كما تقدم ولا نعلم ما نفذ به الحكم في شرع يعقوب هل كان مخصوصا بعين مسروقة دون عين أم عاما في كل عين؟ والأول أصح؛ لأنه ثبت في الصحيح أن النبي قال ' إن بني إسرائيل كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد والذي نفس محمد بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ' وهذا نص في الغرض موضح للمقصود فافهموه المسألة الخامسة قوله (* (كذلك كدنا ليوسف) *)) فيه جواز التوصل إلى الأغراض بالحيل؛ إذا لم تخالف الشريعة ولا هدمت أصلا خلافا لأبي حنيفة في تجويزه الحيل وإن خالفت الأصول وخرمت التحليل؛ سمعت أبا بكر محمد بن الوليد الفهري وغيره يقول كان شيخنا قاضي القضاة أبو عبد الله محمد بن علي الدامغاني صاحب عشرات آلاف من المال فإذا جاء رأس الحول دعا بنيه فقال لهم قد كبرت سني وضعفت قوتي وهذا مال لا أحتاجه فهو لكم ثم يخرجه ويحتمله الرجال على أعناقهم إلى دور بنيه فإذا جاء رأس الحول ودعا بنيه لأمر قالوا يا أبانا؛ إنما أملنا حياتك وأما المال فأي رغبة لنا فيه ما دمت حيا أنت ومالك لنا فخذه إليك ويسير الرجال به حتى يضعوه بين يديه فيرده إلى موضعه - يريد بتبديل الملك إسقاط الزكاة على رأي أبي حنيفة في التفريق بين المجتمع والجمع بين المفترق وهذا خطب عظيم بيناه في شرح الحديث وقد صنف البخاري عليه في جامعه كتابا مقصودا المسألة السادسة قال بعض علماء الشافعية قوله تعالى (* (وكذلك مكنا ليوسف في الأرض) *) [يوسف 56] دليل على جواز الحيلة في التوصل إلى المباح واستخراج الحقوق
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»