واختلف علماؤنا في حقيقتها؛ فقال القاضي والأستاذ أبو بكر إنها أوهام وخواطر واعتقادات وقال الأستاذ أبو إسحاق هي إدراك حقيقة وحمل القاضي والأستاذ ذلك على رؤية الإنسان لنفسه يطير وهو قائم وفي المشرق وهو في المغرب ولا يكون ذلك إدراكا حقيقة وعول الأستاذ أبو إسحاق على أن الرؤيا إدراك في أجزاء لم تحلها الآفة ومن بعد عهده بالنوم استغرقت الآفة أجزاءه وتقل الآفة في آخر الليل وقال إن الله سبحانه يخلق له علما ناشئا ويخلق له الذي يراه ليصح الإدراك فإذا رأى شخصا وهو في طرف العالم فالموجود كأنه عنده ولا يرى في المنام إلا ما يصح إدراكه في اليقظة ولذلك لا نرى شخصا قائما قاعدا في المنام بحال وإنما يرى الجائزات الخارقة للعادات أو الأشياء المعتادات وإذا رأى نفسه يطير أو يقطع يده أو رأسه فإنما رأى غيره على مثاله وظنه من نفسه وهذا معنى قول القاضي الأستاذ أبي بكر إنها أوهام ويتفقون في هذا الموضع وإلى هذا المعنى وقع البيان بقوله [عليه السلام] ' من رآني في المنام فقد رآني؛ فإن الشيطان لا يتمثل بي '؛ فإن المرء يعلم قطعا أنه لم ير الذات النبوية ولا العين المرسلة إلى الخلق وإنما رأى مثالا صادقا في التعبير عنه والخبر به إذ قد يراه شيخا أشمط ويراه شابا أمرد وبين هذا
(٣٦)