أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٣ - الصفحة ٣٧
المعنى بيانا زائدا فقال ' من رآني فقد رأى الحق '؛ أي لم يكن تخييلا ولا تلبيسا ولا شيطانا؛ ولكن الملك يضرب الأمثلة على أنواع بحسب ما يرى من التشبيه بين المثال والممثل به؛ إذ لا يتكلم مع النائم إلا بالرمز والإيماء في الغالب وربما خاطبه بالصريح البين وذلك نادر قال النبي ' رأيت سوداء ثائرة الرأس تخرج من المدينة إلى مهيعة فأولتها الحمى ورأيت سيفي قد انقطع صدره وبقرا تنحر فأولتها رجل من أهلي يقتل والبقر نفر من أصحابي يقتلون ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة فأولتها المدينة ورأيت في يدي سوارين فأولتهما كذابين يخرجان بعدي ' إلى غير ذلك مما ضربت له به الأمثال ومنها ما يظهر معناه أولا ومنها ما لا يظهر [معناه] إلا بعد الفكر وقد رأى النائم في زمان يوسف بقرا فأولها يوسف السنين ورأى أحد عشر كوكبا والشمس والقمر فأول الشمس والقمر أبويه وأول الكواكب الأحد عشر إخوته الأحد عشر وفهم يعقوب مزية حاله وظهور خلاله؛ فخاف عليه حسد الإخوة الذي ابتدأه ابنا آدم فأشار عليه بالكتمان فإن قيل فقد كان يوسف في وقت رؤياه صغيرا والصغير لا حكم لفعله فكيف يكون لرؤياه حكم؟
فالجواب من ثلاثة أوجه الأول أن الصغير يكون الفعل منه بالقصد فينسب إلى التقصير والرؤيا لا قصد فيها فلا ينسب تقصير إليها الثاني أن الرؤيا إدراك حقيقة كما بيناه فيكون من الصغير كما يكون منه
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»