ويروى أن سبأ دوخ الأرض بأجناده شرقا وغربا سهلا وجبلا وقتل وأسر وبه سمي سبأ ودان له الخلق فلما قال ذلك انفرد عن أصحابه ثلاثة أيام ثم خرج عليهم فقال إني لما نلت ما لم ينل أحد رأيت الابتداء بشكر هذه النعم فلم أر أوقع في ذلك من السجود للشمس إذا شرقت فسجدوا لها فكان ذلك أول عبادة الشمس فهذه عاقبة الخيلاء والتكبر والمرح المسألة الرابعة قوله (* (كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها) *)) قرئ (* (سيئة) *) برفع الهمزة وبالهاء وبنصب الهمزة والتاء فمن قرأه برفع الهمزة والهاء أراد أن الكلام المتقدم فيه حسن مأمور به وفيه سيىء منهي عنه فرجع الوصف بالسوء إلى السئ منه ومن قرأه بالهمزة المنصوبة والتاء رجع إلى ما نهي عنه منها لأنه أكثر من المأمور به واختار الطبري الأول فإن قيل فكيف يكون الشيء مكروها والكراهية عندكم إرادة عدم الشيء فكيف يوجد ما أراد الله عدمه قلنا قد أجبنا عن ذلك في كتاب شرح المشكلين ببسط بيانه على الإيجاز أن معنى مكروها منهيا عنه في أحد الوجهين ومرادا مأمورا به وعلى هذا جاء قوله تعالى (* (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) *) البقرة 185 أي يأمر باليسر ولا يأمر بالعسر ويكون معناه أيضا كل ذلك كان سيئة عند ربك مكروها شرعا أي لا يريد أن يكون من الشرع وإن أراد وجوده كقوله (* (ولا يرضى لعباده الكفر) *) الزمر 7 معناه دينا لا وجودا لأنه وجد بإرادته ومشيئته تعالى أن يكون من عبده في ملكه ما لا يريده المسألة الخامسة قوله (* (ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة) *)) قد قدمنا بيان الحكمة هاهنا وفي كتبنا وفسرنا وجوهها ومواردها ولبابها هاهنا أنها العمل بمقتضى العلم وأعظمها قدرا وأشرفها مأمورا ما بدأ به من قوله (* (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه) *) ولا تجعل مع الله إلها آخر
(٢٠٣)