أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٣ - الصفحة ٢٠٤
الآية الثانية عشرة قوله تعالى (* (تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا) *) الآية 44 فيها مسألتان المسألة الأولى اختلف الناس في معنى هذه الآية على أقوال كثيرة أمهاتها ستة الأول دلالتها على وحدانية الله وقدرته وعلمه وإرادته وسائر صفاته العلا وأسمائه الحسنى الثاني تذكرتها للتسبيح بها الثالث كل شيء له يسبح لمح البرق وصريف الرعد وصرير الباب وخرير الماء الرابع قال قتادة والحسن كل ذي روح يسبح الخامس قال النخعي وغيره الطعام يسبح السادس قال أكثر الناس من قراءة القرآن والحديث كل شيء يسبح تسبيحا لا يعلمه الآدميون المسألة الثانية اعلموا نور الله بصائركم بعرفانه أن هذه مسألة كثر الخوض فيها بين الناس وقد أوضحناها في كتاب المشكلين على مقتضى أدلة المعقول والمنقول وترتيب القول هاهنا أنه ليس يستحيل أن يكون للجمادات فضلا عن البهائم تسبيح بكلام وإن لم نفقهه نحن عنها إذ ليس من شرط قيام الكلام بالمحل عند أهل السنة هيئة آدمية ولا وجود بلة ولا رطوبة وإنما تكفي له الجوهرية أو الجسمية خلافا للفلاسفة وأخوتهم من القدرية الذين يرون الهيئة الأدمية والبلة والرطوبة شرطا في الكلام فإذا ثبت هذا الأصل بأدلته التي تقررت في موضعه وبأن كل عاقل يعلم أن الكلام في
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»