الثالثة فقال ' اسقه عسلا ' ثم أتاه فقال فعلت فما زاده ذلك إلا استطلاقا فقال ' صدق الله وكذب بطن أخيك اسقه عسلا فسقاه فبرئ ' وكان ابن عمر لا يشكو قرحة ولا شيئا إلا جعل عليه عسلا حتى الدمل إذا خرج عليه طلاه بعسل فقيل له في ذلك فقال أليس الله يقول (* (فيه شفاء للناس) *) وروي أن عوف بن مالك الأشجعي مرض فقيل له ألا نعالجك! قال ائتوني بماء سماء فإن الله يقول (* (ونزلنا من السماء ماء مباركا) *) [ق 9] وائتوني بعسل فإن الله يقول (* (فيه شفاء للناس) *) وائتوني بزيت فإن الله يقول (* (من شجرة مباركة) *) [النور 35] فجاؤوه بذلك كله فخلطه جميعا ثم شربه فبرئ وقال مجاهد والحسن والضحاك إن الهاء في قوله (* (فيه) *) يعود على القرآن أي القرآن شفاء للناس وهذا قول بعيد ما أراه يصح عنهم؛ ولو صح نقلا لم يصح عقلا؛ فإن مساق الكلام كله للعسل ليس للقرآن فيه ذكر؛ وكيف يرجع ضمير في كلام إلى ما لم يجر له ذكر فيه وإن كان كله منه؟ ولكنه إنما يراعي مساق الكلام ومنحى القول وقد حسم النبي في ذلك ذا الإشكال وأزاح وجه الاحتمال حين أمر الذي يشتكي بطنه بشرب العسل فلما أخبره بأن العسل لما سقاه إياه ما زاده إلا استطلاقا أمره النبي بعود الشرب له وقال له ' صدق الله وكذب بطن أخيك ' المسألة الخامسة قوله تعالى (* (فيه شفاء للناس) *)) اختلف في محمله فقالت طائفة هو على العموم في كل حال ولكل أحد كما سقناه من رواية ابن عمر وعوف ومنهم من قال إنه على العموم بالتدبير؛ إذ يخلط الخل بالعسل ويطبخ فيأتي شرابا ينفع في كل حالة من كل داء
(١٣٨)