أحكام القرآن - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٦١٥
وأما من قال إنه يقصر في سفر المعصية فلأنها فرض معين للسفر وقد اختلف في ذلك قول علماء المذهب وهي مسألة تعلقت لهم من أقوال العراقيين وقد بينا في كتاب التلخيص وغيره فسادها وقد تكلمنا على هذا الحديث في شرح مسائل الخلاف والحديث وبينا أنه خبر واحد يعارضه نص القرآن والأخبار المتواترة فإن الله سبحانه جعل في كتابه القصر تخفيفا والتمام أصلا ويعارض أيضا الأصول المعقولة فإنه جعل الإقامة في القرآن أصلا وهو الواجب وقلبها في الحديث الراوي وأقواه أن عائشة قالت سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقصر وأتممت وأفطر وصمت ولم ينكر ذلك علي وكانت تتم في السفر وأما سفر المعصية فأشكل دليل فيه لهم أن قالوا إنا بنينا الأمر على أن القصر عزيمة وليس برخصة والعزائم لا تتغير بسفر الطاعة والمعصية كالتيمم قلنا قد بينا أنه رخصة وعليه تنبني المسألة والرخص لا تجوز في سفر المعصية كالمسح على الخفين المسألة الخامسة تلاعب قوم بالدين فقالوا إن من خرج من البلد إلى ظاهره قصر الصلاة وأكل وقائل هذا أعجمي لا يعرف السفر عند العرب أو مستخف بالدين ولولا أن العلماء ذكروه ما رضيت أن ألمحه بمؤخر عيني ولا أن أفكر فيه بفضول قلبي وقد كان من تقدم من الصحابة يختلفون في تقديره فروي عن عمر وابن عمر وابن عباس أنهم كانوا يقدرونه بيوم وعن ابن مسعود أنه كان يقدره بثلاثة أيام يعلمهم بأن السفر كل خروج تكلف له وأدركت فيه المشقة المسألة السادسة قوله (* (أن تقصروا من الصلاة) *)) اختلف العلماء في تأويلها فمنهم من قال إن القصر قصر عدد وهم الجم الغفير ومنهم من قال إنها قصر الحدود وتغيير الهيئات والذين قالوا إن القصر في العدد قالت جماعة منهم أن ينقص من أربع إلى اثنين وقال آخرون يقصر من اثنين إلى واحدة
(٦١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 610 611 612 613 614 615 616 617 618 619 620 ... » »»