أحكام القرآن - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٦١١
الأول الهجرة وهي تنقسم إلى ستة أقسام الأول الخروج من دار الحرب إلى دار الإسلام وكانت فرضا في أيام النبي صلى الله عليه وسلم مع غيرها من أنواعها بيناها في شرح الحديث وهذه الهجرة باقية مفروضة إلى يوم القيامة والتي انقطعت بالفتح هي القصد إلى النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان فمن أسلم في دار الحرب وجب عليه الخروج إلى دار الإسلام فإن بقي فقد عصى ويختلف في حاله كما تقدم بيانه الثاني الخروج من أرض البدعة قال ابن القاسم سمعت مالكا يقول لا يحل لأحد أن يقيم ببلد سب فيها السلف وهذا صحيح فإن المنكر إذا لم يقدر على تغييره نزل عنه قال الله تعالى (* (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين) *) [الأنعام 68] وقد كنت قلت لشيخنا الإمام الزاهد أبي بكر الفهري ارحل عن أرض مصر إلى بلادك فيقول لا أحب أن أدخل بلادا غلب عليها كثرة الجهل وقلة العقل فأقول له فارتحل إلى مكة أقم في جوار الله وجوار رسوله فقد علمت أن الخروج عن هذه الأرض فرض لما فيها من البدعة والحرام فيقول وعلى يدي فيها هدى كثير وإرشاد للخلق وتوحيد وصد عن العقائد السيئة ودعاء إلى الله عز وجل وتعالى الكلام بيني وبينه فيها إلى حد شرحناه في ترتيب [لباب] الرحلة واستوفيناه الثالث الخروج عن أرض غلب عليها الحرام فإن طلب الحلال فرض على كل مسلم
(٦١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 606 607 608 609 610 611 612 613 614 615 616 ... » »»