الرابع الفرار من الإذاية في البدن وذلك فضل من الله عز وجل أرخص فيه فإذا خشي المرء على نفسه في موضع فقد أذن الله سبحانه له في الخروج عنه والفرار بنفسه ليخلصها من ذلك المحذور وأول من حفظناه فيه الخليل إبراهيم عليه السلام لما خاف من قومه قال (* (إني مهاجر إلى ربي) *) [العنكبوت 26] وقال (* (إني ذاهب إلى ربي سيهدين) *) [الصافات 99] وموسى قال الله سبحانه فيه (* (فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين) *) [القصص 21] وذلك يكثر تعداده ويلحق به وهو الخامس خوف المرض في البلاد الوخمة والخروج منها إلى الأرض النزهة وقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم للرعاء حين استوخموا المدينة أن يتنزهوا إلى المسرح فيكونوا فيه حتى يصحوا وقد استثنى من ذلك الخروج من الطاعون فمنع الله سبحانه منه بالحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم بيد أني رأيت علماءنا قالوا هو مكروه وقد استوفيناه في شرح الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم السادس الفرار خوف الإذاية في المال فإن حرمة مال المسلم كحرمة دمه والأهل مثله أو آكد فهذه أمهات قسم الهرب وأما قسم الطلب فينقسم إلى قسمين طلب دين وطلب دنيا فأما طلب الدين فيتعدد بتعدد أنواعه ولكن أمهاته الحاضرة عندي الآن تسعة الأول سفر العبرة قال الله تعالى (* (أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم) *) [يوسف 19] وهذا كثير في كتاب الله عز وجل ويقال إن ذا القرنين إنما طاف الأرض ليرى عجائبها وقيل لينفذ الحق فيها
(٦١٢)