المسألة الثانية في هذه الآية وفي التي بعدها وهي قوله (* (كنتم خير أمة أخرجت للناس) *) [آل عمران 11] دليل على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نصرة الدين بإقامة الحجة على المخالفين وقد يكون فرض عين إذا عرف المرء من نفسه صلاحية النظر والاستقلال بالجدال أو عرف ذلك منه المسألة الثالثة في مطلق قوله تعالى (* (ولتكن منكم أمة) *)) دليل على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض يقوم به المسلم وإن لم يكن عدلا خلافا للمبتدعة الذين يشترطون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر العدالة وقد بينا في كتب الأصول أن شروط الطاعات لا تثبت إلا بالأدلة وكل أحد عليه فرض في نفسه أن يطيع وعليه فرض في دينه أن ينبه غيره على ما يجهله من طاعة أو معصية وينهاه عما يكون عليه من ذنب وقد بيناه في الآية الأولى قبلها المسألة الرابعة في ترتيب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان وفي هذا الحديث من غريب الفقه أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ في البيان بالأخير في الفعل وهو تغيير المنكر باليد وإنما يبدأ باللسان والبيان فإن لم يكن فباليد يعني أن يحول بين المنكر وبين متعاطيه بنزعه وبجذبه منه فإن لم يقدر إلا بمقاتلة وسلاح فليتركه وذلك إنما هو إلى السلطان لأن شهر السلاح بين الناس قد يكون مخرجا إلى الفتنة وآيلا إلى فساد أكثر من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا أن
(٣٨٣)