أحكام القرآن - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ١٧١
وقد اتفق علماء الإسلام على أن الآية نزلت سنة ست في عمرة الحديبية حين صد المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مكة وما كانوا حبسوه ولكن حبسوا البيت ومنعوه وقد ذكر الله تعالى القصة في سورة الفتح فقال (* (والهدي معكوفا أن يبلغ محله) *) [الفتح 25] وقد تأتي أفعال يكون فيها فعل وأفعل بمعنى واحد والمراد بالآية رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومعناها فإن منعتم ويقال منع الرجل عن كذا فإن المنع مضاف إليه أو إلى الممنوع عنه وحقيقة المنع عندنا العجز الذي يتعذر معه الفعل وقد بيناه في كتب الأصول والذي يصح أن الآية نزلت في الممنوع بعذر وأن لفظها في كل ممنوع ومعناها يأتي إن شاء الله المسألة الثامنة في تحقيق جواب الشرط من قوله تعالى (* (فإن أحصرتم) *)) وظاهره قوله (* (فما استيسر من الهدي) *) وبهذا قال أشهب في كتاب محمد عن مالك وروى ابن القاسم أنه لا هدي عليه لأنه لم يكن منه تفريط وإنما الهدي على ذي التفريط وهذا ضعيف من وجهين أحدهما أن الله تعالى قال (* (فما استيسر من الهدي) *) فهو ترك لظاهر القرآن وتعلق بالمعنى الثاني أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى عن نفسه وعن أصحابه البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة ولهم أن يقولوا أن النبي صلى الله عليه وسلم حمل الهدي تطوعا وكذلك كان فأما ظاهر القرآن فلا كلام فيه وأما المعنى فلا يمتنع أن يجعل الباري تعالى الهدي واجبا مع التفريط ومع عدمه عبادة منه لسبب ولغير سبب في الوجهين جميعا ومن علمائنا من قال وهو ابن القاسم إن الذي عليه الهدي من أحصر بمرض فإنه يتحلل بالعمرة ويهدي
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»