أحكام القرآن - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ١٧٤
قلنا وإن كانت غير مؤقتة لكن في الصبر إلى زوال العدو ضرر وفي ذلك نزلت الآية وبه جاءت السنة فلا معدل عنها المسألة الرابعة عشرة إذا منعه العدو يحل في موضعه ولا قضاء عليه وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة عليه القضاء لأن الله سبحانه أوجب عليه ما استيسر من الهدي خاصة ولم يذكر قضاء ومتعلقهم أمران أحدهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى عمرة الحديبية في العام الآخر قلنا إنما قضاها لأن الصلح وقع على ذلك إرغاما للمشركين وإتماما للرؤيا وتحقيقا للموعد وهي في الحقيقة ابتداء عمرة أخرى وسميت عمرة القضية من المقاضاة لا من القضاء الثاني المعنى قالوا تحلل من نسكه قبل تمامه فلم يكن بد من قضائه كالفائت والمفسد قلنا الفاسد هو فيه ملوم والفائت هو فيه منسوب إلى التقصير وهذا مغلوب ولا فائدة في اتباع المعنى مع ما قلناه من ظاهر الآية المسألة الخامسة عشرة لا يخلو أن يكون الحاصر كافرا أو مسلما فإن كان كافرا لم يجز قتاله ولو وثق بالظهور ويتحلل في موضعه ولو سأل الكافر جعلا لم يجز لأن ذلك وهن في الإسلام وإن كان الحاصر مسلما لم يجز قتاله بحال ووجب التحلل فإن طلب شيئا ويتخلى عن الطريق جاز دفعه ولم يحل القتال لما فيه من إتلاف المهج وذلك لا يلزم في أداء العبادات فإن الدين أسمح وأما بذل الجعل فلما فيه من دفع أعظم الضررين بأهونهما ولأن الحج مما ينفق فيه المال فيعد هذا من النفقة
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»