تفسير النسفي - النسفي - ج ٤ - الصفحة ٣٤٥
وقوله والذاكرين الله كثيرا والذاكرات يريد والذاكراته ونحوه فاوى فهدى فأغنى وهو اختصار لفظي لظهور المحذوف * (وللآخرة خير لك من الأولى) * أي ما أعد الله لك في الآخرة من المقام المحمود والحوض المورود والخير الموعود خير مما أعجبك في الدنيا وقيل وجه اتصاله بما قبله انه لما كان في ضمن نفى التوديع والقلى ان الله مواصلك بالوحي إليك وانك حبيب الله ولا ترى كرامة أعظم من ذلك أخبره أن حاله في الآخرة أعظم من ذلك لتقدمه على الأنبياء وشهادة أمته على الأمم وغير ذلك * (ولسوف يعطيك ربك) * في الآخرة من الثواب ومقام الشفاعة وغير ذلك * (فترضى) * ولما نزلت قال صلى الله عليه وسلم إذا لا أرضى قط وواحد من أمتي في النار واللام الداخلة على سوف لام الابتداء المؤكدة لمضمون الجملة والمبتدأ محذوف تقديره ولانت سوف يعطيك ونحوه لاقسم فيمن قرأ كذلك لان المعنى لأنا أقسم وهذا لنها ان كانت لام قسم فلامه لا تدخل على المضارع الامع نون التوكيد فتعين أن تكون لام الابتداء ولامه لا تدخل الاعلى المبتدأ أو الخبر فلا بد من تقدير مبتدأ وخبر كما ذكرنا لان النون انما تدخل ليؤذن أن اللام لام القسم لالام الابتداء وقد علم أنه ليس للابتداء لدخولها على سوف لان لام الابتداء لا تدخله على سوف وذكر أن الجمع بين حرفى التأكيد والتأخير يؤذن بأن العطاء كائن لا محالة وان تأخر ثم عدد عليه نعمه من أول حاله ليقيس المترقب من فضل الله على ما سلف منه لئلا يتوقع إلا الحسنى وزيادة الخير ولا يضيق صدره ولا يقل صبره فقال * (ألم يجدك يتيما) * وهو من الوجود الذي بمعنى العلم والمنصوبان مفعولاه والمعنى ألم تكن يتيما حين مات أبواك * (فآوى) * أي فآواك إلى عمك أبى طالب وضمك اليه حتى كفلك ورباك * (ووجدك ضالا) * أ ى غير عالم ولا واقف على معالم النبوة وأحكام الشريعة وما طريقة السمع * (فهدى) * فعرفك الشرائع والقرآن وقيل ضل في طريق الشام حين خرج به أبو طالب فرده إلى القافلة ولا يجوز أ ن يفهم به عدول عن حق ووقوع في عنى فقد كان علية السلام من أول حاله إلى نزول الوحي عليه معصوما من عبادة الأوثان وقاذورات أهل الفسق والعصيان * (ووجدك عائلا) * فقيرا * (فأغنى) * فأغناك بمال خديجة أ وبما أفاء عليك من الغنائم * (فأما اليتيم فلا تقهر) * فلا تغلبه على ما له وحقه لضعفه * (وأما السائل فلا تنهر) * فلا تزجره فابذل قليلا أو رد جميلا وعن السدى المراد طالب العلم إذا جاءك فلا تنهره * (وأما بنعمة ربك فحدث) * أ ى حدث بالنبوة التي آتاك الله وهى أجل النعم والصحيح انها نعم جميع نعم الله عليه ويدخل تحته تعليم القرآن والشرائع والله أعلم
(٣٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 ... » »»