تفسير النسفي - النسفي - ج ٤ - الصفحة ٢٣٤
عاقبة الانسان الكافر والشيطان * (أنهما في النار خالدين فيها) * عاقبتهما خبر كان مقدم وأن مع اسمها وخبرها أي في النار في موضع الرفع على الاسم وخالدين حال * (وذلك جزاء الظالمين يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله) * في أوامره فلا تخالفوها * (ولتنظر نفس) * نكر النفس تقليلا للأنفس النواظر فيما قد من للآخرة * (ما قدمت لغد) * يعني يوم القيامة سماه باليوم الذي يلي يومك تقريبا له أو عبر عن الآخرة بالغد كأن الدنيا والآخرة نهار أن يوم وغد وتنكيره لتعظيم أمره أي انه لا يعرف كنهه لعظمه وعن مالك ابن دينار مكتوب على باب الجنة وجدناه ما عملنا ربحنا ما قدمنا خسرنا ما خلفنا * (واتقوا الله) * كرر الامر بالتقوى تأكيدا واتقوا الله أداء الواجبات لأنه قرن بما هو عمل واتقوا الله في ترك المعاصي لأنه قرن بما يجري مجرى الوعيد وهو * (إن الله خبير بما تعملون) * وفيه تحريض على المراقبة لأن من علم وقت فعله أن الله مطلع على ما يرتكب من الذنوب يمتنع عنه * (ولا تكونوا كالذين نسوا الله) * تركوك ذكر الله عز وجل وما أمرهم به * (فأنساهم أنفسهم) * فتركهم من ذكره بالرحمة والتوفيق * (أولئك هم الفاسقون) * الخارجون عن طاعة الله * (لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون) * هذا تنبيه للناس وإيذان بأنهم لفرط غفلتهم وقلة فكرهم في العاقبة وتهالكهم على إيثار العاجلة واتباع الشهوات كأنهم لا يعرفون الفرق بين الجنة والنار والبون العظيم بين أصحابهما وان الفوز العظيم مع أصحاب الجنة والعذاب الأليم مع أصحاب النار والبون العظيم بين أصحابهما وان الفوز العظيم مع أصحاب الجنة والعذاب الأليم مع أصحاب النار فمن حقهم أن يعلموا ذلك وينبهوا عليك كما تقول لما يعق أباه هو أبوك تجعله بمنزلة من لا يعرفه فتنبها بذلك على حق الأبوة الذي يقتضي البر والتعطف وقد استدلت الشافعية بهذه الآية على أن المسلم لا يقتل بالكافر وان الكافر لا يملك مال المسلم بالاستيلاء وقد أجبنا عن مثل هذا في أصول الفقه والكافي * (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله) * أي من شان االقرآن وعظمته أنه لو جعل في الجبل تميز وأنزل عليه القرآن لخشع أي لخضع وتطأطأ وتصدع أي تشقق من خشية الله وجائزان يكون هذا تمثيلا كما في قوله إنا عرضنا الأمانة ويدل عليه قوله * (وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون) * وهي إشارة إلى هذا المثل وإلى أمثاله في مواضع من التنزيل والمراد توبيخ الإنسان على قسوة قلبه وقلة تخشعه عند تلاوة القرآن وتدبر قوارعه وزواجره ثم رد على من أشرك وشبهه بخلقه فقال * (هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة) *
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»