تفسير النسفي - النسفي - ج ٤ - الصفحة ٢٣٦
ولا كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسل سيفه وقال أخرجي الكتاب أو تضعي رأسك فأخرجه من مقاص شعرها وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمن جميع الناس يوم الفتح إلا أربعة هي أحدهم فاستحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطبا وقال ما حملك عليه فقال يا رسول الله ما كفرت منذ أسلمت ولا غششتك منذ نصحتك ولا أحببتهم منذ فارقتهم ولكني كنت امرأ ملصقا في قريش ولم أكن من أنفسها وكل من معك من المهاجرين لهم قرابات بمكة يحمون أهاليهم وأموالهم غيري فخشيت على أهلي فأردت أن اتخذ عندهم يدا وقد علمت أن الله ينزل عليهم بأسه وان كتابي لا يغني عنهم شيئا فصدقه وقبل عذره فقال عمر رضي الله عنه دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق فقال صلى الله عليه وسلم ما يدريك يا عمر لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال لهم اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ففاضت عينا عمر رضي الله عنه فنزل * (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء) * عدى اتخذ إلى مفعوليه وهما عدوي وأولياء والعدو فعول من عدا كعفو من عفا ولكنه على زنة المصدر أوقع على الجمع إيقاعه على الواحد وفيه دليل على أن الكبيرة لا نسلب اسم الايمان * (تلقون) * حال من الضمير في لا نتخذوا التقدير لا تتخذوهم أولياء ملقين * (إليهم بالمودة) * أو متسأنف بعد وقف على التوبيخ والا لقاء عبارة عن إيصال المودة والافضاء بها إليهم والباء في المودة زائدة مؤكدة للتعدي كقوله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة أو ثابتة على أن مفعول تلقون محذوف معناه تلقون إليهم اخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب المودة التي بينكم وبينهم * (وقد كفروا) * حال من لا تتخذوا أو من تلقون أي لا تتولهم أو توادونهم وهذه حالهم * (بما جاءكم من الحق) * دين الاسلام والقرآن * (يخرجون الرسول وإياكم) * استئناف كالتفسير لكفرهم وعتوهم أو حال من كفروا * (أن تؤمنوا) * تعليل ليخرجون أي يخرجونكم من مكة لايمانكم * (بالله ربكم إن كنتم خرجتم) * متعلق بلا تتخذوا أي لا تتولوا أعدائي إن كنتم أوليائي وقول النحويين في مثله وشرط جوابه محذوف لدلالة ما قبله عليه * (جهادا في سبيلي) * مصدر في موضع الحال أي ان كنتم خرجتم مجاهدين في سبيلي * (وابتغاء مرضاتي) * ومبتغين مرضاتي * (تسرون إليهم بالمودة) * أي تفضون إليهم بمودتكم سرا أو تسرون إليهم أسرار رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب المودة وهو استئناف * (وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم) * والمعنى أي طائل لكم في أسراركم وقد علمتم أن الاخفاء والاعلان سيان في علمي وأن مطلع رسولي على ما تسرون * (ومن يفعله) *
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»