سبأ (24 - 22)) الذين عبدتموهم من دون الله من الأصنام والملائكة وسميتموهم والتجؤا إليهم فيما يعروكم كما تلتجئون اليه وانتظروا استجابتهم لدعائكم كما تنتظرون استجابته ثم أجاب عنهم بقوله * (لا يملكون مثقال ذرة) * من خير أو شر أو نفع أو ضر * (في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك) * ومالهم في هذين الجنسين من شركة في الخلق ولا في الملك * (وما له) * تعالى * (منهم) * من آلهتهم * (من ظهير) * من عوين يعينه على تدبير خلقه يريد أنهم على هذه الصفة من العجز فكيف يصح أن يدعوا كما يدعى ويرجوا كما يرجى * (ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له) * أي أذن له الله يعنى إلا من وقع الاذن للشفيع لأجله وهى اللام الثانية في قولك أذن لزيد لعمر وأي لأجله وهذا تكذيب لقولهم هؤلاء شفعاؤنا عند الله أذن له كوفي غير عاصم إلا الأعشى * (حتى إذا فزع عن قلوبهم) * أي كشف الفزع عن قلوب الشافعين المشفوع لهم بكلمة يتكلم بها رب العزة في اطلاق الاذن وفزع شامي أي الله تعالى والتفزيع إزالة الفزع وحتى غاية لما فهم من أن ثم انتظار اللاذن وتوقفا وفزعا من الراجين للشفاعة والشفعاء هل يؤذن لهم أولا يؤذن لهم كأنه قيل يتربصون ويتوقعون مليا فزعين حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا سأل بعضهم بعضا ماذا قال ربكم قالوا قال الحق أي القول وهو الاذن بالشفاعة لمن ارتضى * (وهو العلي الكبير) * ذو العو والكبرياء ليس لملك ولا نبي أن يتكلم ذلك اليوم إلا بإذنه وأن يشفع إلا لمن ارتضى * (قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله) * أمره بأن يقررهم بقوله من يرزقكم ثم أمره بأن يتولى الإجابة والاقرار عنهم بقوله يرزقكم الله وذلك للاشعار بأنهم مقرون به بقلوبهم إلا أنهم بما أبوا أن يتكلموا به لأنهم إن تفوهوا بأن الله رازقهم لزمهم أن يقال لهم فمالكم لا تعبدون من يرزقكم وتؤثرون عليه من لا يقدر على الرزق وأمره أن يقول لهم بعد الالزام والالجام الذي ان لم يزد على إقرارهم بألسنتهم لم يتقاصر عنه * (وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين) * ومعناه وان أحد الفريقين من الموحدين ومن المشركين لعلى أحد الأمرين من الهدى والضلال وهذا من الكلام المنصف الذي كل من سمعه من موال أو مناف قال لمن خوطب به قد أنصفك صاحبك وفى درجة بعد تقدم ما قدم من التقرير دلالة غير خفية على من هومن الفريقين على الهدى ومن هو في الضلال المبين ولكن التعريض أوصل بالمجادل إلى الغرض ونحوه قولك للكاذب أن أحدنا لكاذب وخولف بين حرفى الجر الداخلين على الهدى والضلال لأن صاحب الهدى كأنه مستعل على فرس
(٣٢٦)