تفسير النسفي - النسفي - ج ٣ - الصفحة ٣٣٧
فاطر (10 - 8)) فلا تهلك نفسك للحسرات وعليهم صلة تذهب كما تقول هلك عليه حبا ومات عليه حزنا ولا يجوز أن يتعلق بحسرات لأن المصدر لا تتقدم عليه صلته * (إن الله عليم بما يصنعون) * وعيد لهم بالعقاب على سوء صنيعهم * (والله الذي أرسل الرياح) * ارياح مكي وحمزة وعلى * (فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت) * بالتشديد مدنى وحمزة وعلى وحفص بالتخفيف غيرهم * (فأحيينا به) * بالمطر لتقدم ذكره ضمنا * (الأرض بعد موتها) * يبسها وانما قيل فتثير لتحكى الحال التي تقع فيها إثارة الرياح السحاب وتستحضر تلك الصورة الدالة على القدرة الربانية وهكذا يفعلون بفعل فيه نوع تمييز وخصوصية بحال تستغرب وكذلك سوق السحاب إلى البلد الميت واحياء الأرض بالمطر بعد موتها لما كان من الدليل على القدرة الباهرة قيل فسقنا وأحياينا معدولا بهما عن لفظ العيبة إلى ما هو أدخل في الاختصاص وأدل عليه * (كذلك النشور) * الكاف في محل الرفع أي مثل احياء الموات نشور الأموات قيل يحيي الله اخلق بماء يرسله من تحت العرش كمنى الرجال تنبت منه أجساد الخلق * (من كان يريد العزة فلله العزة جميعا) * أي العزة كلها مختصة بالله عزة الدنيا وعزة الآخرة وكان الكافرون يتعززون بالأصنام كما قال وآتخذو من دون الله آلهة ليكونوالهم عزا والذين آمنوا بألسنتهم من غير مواطأة قلوبهم كانوا يتعززون بالمشركين كما قال الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فان العزة لله جميعا فبين أن لا عزة إلا بالله والمعنى فليطلبها عند الله فوضع قوله لله العزة جميعا موضعه استغناء عنه به لدلالته عليه لأن الشئ لا يطلب إلا عند صاحبه ومالكه ونظيره قولك من أراد النصيحة فهي عند الأبرار تريد فليطلبها عندهم إلا أنك أقمت ما يدل عليه مقامه وفى الحديث ان ربكم يقول كل يوم أنا العزيز فمن أراد عز الدارين فليطع العزيز ثم عرف أن ما يطلب به العزة هو الإيمان والعمل الصالح بقوله * (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) * ومعنى قوله إليه إلى محل القبول والرضا وكل ما اتصف بالقبول وصف بالرفعة والصعود أو إلى حيث لا ينفذ فيه الا حكمه والكلم الطيب كلمات التوحيد أي لا إله إلا الله وكان القياس الطيبة ولكن كل جمع ليس بينه وبين واحده إلا التاء يذكر ويؤنث والعمل الصالح العبادة الخالصة يعنى والعمل الصالح يرفعه الكلم الطيب فالرافع الكلم والمرفوع العمل لأنه لا يقبل عمل الا من موحد وقيل الرافع الله والمرفوع العمل أي العمل الصالح يرفعه الله وفيه إشارة إلى أن العمل يتوفق على الرفع والكلم الطيب يصعد بنفسه وقيل العمل الصالح يرفع
(٣٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 ... » »»