تفسير النسفي - النسفي - ج ٣ - الصفحة ٢٦٤
خبر مبتدأ محذوف أي هم الذين صبروا على مفارقة الأوطان وعلى أذى المشركين وعلى المحن والمصائب وعلى الطاعات وعن المعاصي والوصل أجود ليكون الذين نعتا للعاملين * (وعلى ربهم يتوكلون) * ولم يتوكلوا في جميع ذلك إلا على الله ولما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسلم من مكة بالهجرة خافوا الفقر والضيعة فنزلت * (وكأين من دابة) * أي وكم من دابة وكائن بالمد والهمز مكي والدابة كل نفس دبت على وجه الأرض عقلت أم لم تعقل * (لا تحمل رزقها) * لا تطيق أن تحمله لضعفها عن حملة * (الله يرزقها وإياكم) * أي لا يرزق تلك الدواب الضعاف إلا الله ولا يرزقكم أيضا أيها الأقوياء إلا هو وإن كنتم مطيقين لحمل ارزاقكم وكسبها لأنه لو لم يقدركم ولم يقدر لكم أسباب الكسب لكنتم أعجز من الدواب التي لا تحمل وعن الحسن لا تحمل رزقها لا تدخره إنما تصبح فيرزقها الله وقيل لا يدخر شيء من الحيوان قوتا إلا ابن آدم والفأرة والنملة * (وهو السميع) * لقولكم تخشى الفقر والعيلة * (العليم) * بما في ضمائركم * (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر) * أي ولئن سألت هؤلاء المشركين من خلق السماوات والأرض على كبرهما وسعتهما ومن الذي سخر الشمس والقمر * (ليقولن الله فأنى يؤفكون) * فكيف يصرفون عن توحيد الله مع إقرارهم بهذا كله * (الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له) * أي لمن يشاء فوضع الضمير موضع من يشاء لأن من يشاء مبهم غير معين فكان الضمير مبهما مثله قدر الرزق وقتره بمعنى إذا ضيقه * (أن الله بكل شيء عليم) * يعلم ما يصلح العباد وما يفسدهم في الحديث ان من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا الغنى ولو أفقرته لأفسده ذلك وأن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا الفقر ولو أغنينته لأفسده ذلك * (ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله) * أي هم مقرون بذلك * (قل الحمد لله) * على إنزاله الماء لاحياء الأرض أو على أنه ممن أقر بنحو ما أقروا به ثم نفعه ذلك في توحيد الله ونفى الشركاء عنه ولم يكن إقرارا عاطلا كاقرار المشركين * (بل أكثرهم لا يعقلون) * لا يتدبرون بما فيهم من العقول فيما نريهم من الآيات ونقيم عليهم من الدلالات أو
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»