تفسير النسفي - النسفي - ج ٣ - الصفحة ٢٦٨
الروم (9 - 7)) يفيد انهم لا يعلمون إلا ظاهرا واحدا من جملة ظواهرها * (وهم عن الآخرة هم غافلون) * هم الثانية مبتدأ وغافلون خبره والجملة خبرهم الأولى وفيه بيان أنهم معدن الغفلة عن الآخرة ومقرها * (أو لم يتفكروا في أنفسهم) * يحتمل أن يكون ظرفا كأنه قيل أو لم يثبتوا التفكر في أنفسهم أي في قلوبهم الفارغة من الفكر والتفكر لا يكون إلا في القلوب ولكنه زيادة تصوير لحال المتفكرين كقوله اعتقده في قلبك وأن يكون صلة للتفكر نحو تفكر في الأمر وأجال فيه فكره ومعناه على هذا أولم يتفكروا في أنفسهم التي هي أقرب إليهم من غيرها من المخلوقات وهم أعلم بأحوالها منهم بأحوال ما عداها فيتدبروا ما أودعها الله ظاهرا وباطنا من غرائب الحكمة الدالة على التدبير دون الاهمال وأنه لا بد لها من الانتهاء إلى وقت تجازى فيه على الاحسان إحسانا وعلى الإساءة مثلها حتى يعلموا عند ذلك أن سائر الخلائق كذلك أمرها جار على الحكمة في التدبير وأنه لا بد لها من الانتهاء إ لي ذلك الوقت * (ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما) * متعلق بالقول المحذوف ومعناه أو لم يتفكروا فيقولوا هذا القول وقيل معناه فيعلموا لأن في الكلام دليلا عليه * (إلا بالحق وأجل مسمى) * أي ما خلقها باطلا وعبثا بغير حكمة بالغة ولا لتبقى خالدة إنما خلقها مقرونة بالحق مصحوبة بالحكمة وبتقدير أجل مسمى لا بدلها من أن تنتهى اليه وهو قيام الساعة ووقت الحساب والثواب والعقاب ألا ترى إلى قوله أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم الينا ترجعون كيف سمى تركهم غير راجعين اليه عبثا * (وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم) * بالبعث والجزاء * (لكافرون) * لجاحدون وقال الزجاج أي لكافرون بلقاء ربهم * (أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم) * هو تقرير لسيرهم في البلاد ونظرهم إلى آثار المدمرين من عاد وثمود وغيرهم من الأمم العاتية ثم وصف حالهم فقال * (كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض) * وحرثوها * (وعمروها) * اى المدمرون * (أكثر) * صفة مصدر محذوف وما مصدرية في * (مما عمروها) * أي من عمارة أهل مكة * (وجاءتهم رسلهم بالبينات) * وتقف عليها لحق الحذف أي فلم يؤمنوا فاهلكوا * (فما كان الله ليظلمهم) * فما كان تدميره إياهم ظلما لهم * (ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) * ولكنهم ظلموا
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»