تفسير النسفي - النسفي - ج ٣ - الصفحة ١٩٠
الشعراء (101 - 90)) حيث أرشدهم إلى الدين وعلمهم الشرائع ويجوز على هذا إلا من أتى الله بقلب سليم من فتنة المال والبنين وقد صوب الجليل استثناء الخليل اكراما له ثم جعله صفة له في قوله وأن من شيعته لإبراهيم إذ جاء ربه بقلب سليم وما أحسن ما رتب عليه السلامة من كلامه مع المشركين حيث سألهم أولا عما يعبدون سؤال مقرر لا مستفهم ثم أقبل على آلهتهم فأبطل امرها بأنها لا تضر ولا تنفع ولا تسمع وعلى تقليدهم آباءهم الأقدمين فأخرجه من أن يكون شبهة فضلا عن أن يكون حجة ثم صور المسألة في نفسه دونهم حتى تخلص منها إلى ذكر الله تعالى فعظم شأنه وعدد نعمته من حين إنشائه إلى وقت وفاته مع ما يرجى في الآخرة من رحمته ثم اتبع ذلك أن دعا بدعوات المخلصين وابتهل اليه ابتهال الأدب ثم وصله بذكر يوم القيامة وثواب الله وعقابه وما يدفع اليه المشركون يومئذ من الندم والحسرة على ما كانوا فيه من الضلال وتمنى الكرة إلى الدنيا ليؤمنوا ويطيعوا * (وأزلفت الجنة للمتقين) * أي قربت عطف جملة على جملة أي تزلف من موقف السعداء فينظرون إليها * (وبرزت الجحيم) * أي أظهرت حتى يكاد يأخذهم لهبها * (للغاوين) * للكافرين * (وقيل لهم أين ما كنتم تعبدون من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون) * يوبخون على اشراكهم فيقال لهم أين آلهتكم هل ينفعونكم بنصرتهم لكم أو هل ينفعون أنفسهم بانتصارهم لأنهم وآلهتهم وقود النار * (فكبكبوا) * انكسوا وطرح بعضهم بعض * (فيها) * في الجحيم * (هم) * أي الآلهة * (والغاوون) * وعبدتهم الذين برزت لهم والكبكبة تكرير الكب جعل التكرير في اللفظ دليلا على التكرير في المعنى كأنه إذا ألقى في جهنم ينكب مرة أثر مرة حتى يستقر في قعرها نعوذ بالله منها * (وجنود إبليس أجمعون) * شياطينه أو متبعوه من عصاة الإنس والجن * (قالوا وهم فيها يختصمون) * يجوز أن ينطق الله الأصنام حتى يصح التقاول والتخاصم ويجوز أن يجرى ذلك بين العصاة والشياطين * (تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم) * نعدلكم أيها الأصنام * (برب العالمين) * في العبادة * (وما أضلنا إلا المجرمون) * أي رؤساؤهم الذين أضلوهم أو إبليس وجنوده ومن سن الشرك * (فما لنا من شافعين) * كما للمؤمنين من الأنبياء والأولياء والملائكة * (ولا صديق حميم) * كما نرى لهم أصدقاء إذ لا يتصادق في الآخرة إلا المؤمنون وأما أهل النار فبينهم التعادى الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين أو فما لنا من شافعين
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»