الشعراء (224 - 219)) فقلبك * (في الساجدين) * في المصلين أتبع كونه رحيما على رسوله ما هو من أسباب الرحمة وهو ذكر ما كان يفعله في جوف الليل من قيامه للتهجد وتقلبه في تصفح أحوال المتهجدين من أصحابه ليطلع عليهم من حيث لا يشعرون وليعلم كيف يعبدون الله ويعملون لآخرتهم وقيل معناه يراك حين تقوم للصلاة بالناس جماعة وتقلبه في الساجدين تصرفه فيما بينهم بقيامه وركوعه وسجوده وقعوده إذا أمهم وعن مقاتل أنه سأل أبا حنيفة هل تجد الصلاة بالجماعة في القرآن فقال لا يحضرني فتلاله هذه الآية * (إنه هو السميع) * لما تقوله * (العليم) * بما تنويه وتعمله هون عليه معاناة مشاق العبادات حيث أخبر برؤيته له إذ لا مشقة على من يعلم أنه يعمل بمرأى مولاه وهو كقوله * بعيني ما يتحمل المتحملون من أجلى * ونزل جوابا لقول المشركين ان الشياطين تلقى السمع على محمد صلى الله عليه وسلم * (هل أنبئكم) * أي هل أخبركم أيها المشركون على من تنزل الشياطين ثم نبأ فقال * (تنزل على كل أفاك أثيم) * مرتكب للآثام وهم الكهنة والمتنبئة كسطيح وطليحة ومسيلمة ومحمد صلى الله عليه وسلم يشتم الأفاكين ويذمهم فكيف تنزل الشياطين عليه * (يلقون السمع) * هم الشياطين كانوا قبل أن يحجبوا بالرجم يستمعون إلى الملأ الأعلى فيحفظون بعض ما يتكلمون به مما اطلعوا عليه من الغيوب ثم يوحون به إلى أوليائهم ويلقون حال أي تنزل ملقين السمع أو صفة لكل أفاك لأنه في معنى الجمع فيكون في محل الجزاء أو استئناف فلا يكون له محل كأنه قيل لم تنزل على الااكين فقيل يفعلون كيت وكيت * (وأكثرهم كاذبون) * فيما يوحون به إليهم لأنهم يسمعونهم ما لم يسمعوا وقيل يلقون إلى أوليائهم السمع أي المسموع من الملائكة وقيل الأفاكون يلقون السمع إلى الشياطين ويتلقون وحيهم إليهم أو يلقون المسموع من الشياطين إلى الناس وأكثر الأفاكين كاذبون يفترون على الشياطين ما لم يوحوا إليهم والافاك الذي يكثر الافك ولا يدل ذلك على أنهم لا ينطقون إلا بالافك فأراد إن هؤلاء الأفاكين قل من يصدق منهم فيما يحكى عن الجنى وأكثرهم مفتر عليه وعن الحسن وكلهم وإنما فرق بين وإنه لتنزيل رب العالمين وما تنزلت به الشياطين هل أنبئكم على من تنزل الشياطين وهن أخوات لأنه إذا فرق بينهن بآيات ليست منهن ثم رجع إليهن مرة بعد مرة دل ذلك على شدة العناية بهن كما إذا حدثت حديثا وفي صدرك اهتمام بشيء فتعيد ذكره ولا تنفك عن الرجوع إليه ونزل فيمن كان يقول الشعر ويقول نحن نقول كما يقول محمد صلى الله عليه وسلم واتبعهم غواة من قومهم يستمعون أشعارهم والشعراء مبتدأ خبره * (يتبعهم الغاوون) * أي لا يتبعهم على باطلهم وكذبهم وتمزيق الاعراض والقدح في الانسان ومدح من لا يستحق المدح ولا يستحسن ذلك منهم إلا
(٢٠١)