تفسير النسفي - النسفي - ج ٣ - الصفحة ١٣٤
النور (3 - 2)) * (فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله) * جلدهما أو الخبر فاجلدوا ودخلت الفاءلكون الألف واللام بمعنى الذي وتضمينه معنى الشرط وتقديره التي زنت والذي زنى فاجلدوهما كما تقول من زنى فاجلدوه وكقوله والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهما وقرأ عيسى بن عمر بالنصب على إضمار فعل يفسره الظاهر وهو أحسن من سورة أنزلناها لأجل الأمر * (فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) * الجلد ضرب الجلد وفيه إشارة إلى أنه يبالغ ليصح الألم إلى اللحم والخطاب للأئمة لأن إقامة الحد من الدين وهى على الكل إلا أنهم لا يمكنهم الاجتماع فينوب الإمام منابهم وهذا حكم حر ليس بمحصن إذ حكم المحصن الرجم وشرائط احصان الرجم الحرية والعقل والبلوغ والإسلام والتزوج بنكاح صحيح والدخول وهذا دليل على أن التغريب غير مشروع لأن الفاء إنما يدخل على الجزاء وهو اسم الكافي والتغريب المروى منسوخ بالآية كما نسخ الحبس والأذى في قوله فأمسكوهن في البيوت وقوله فآذوهما بهذه الآية * (ولا تأخذكم بهما رأفة) * أي رحمة والفتح لغة وهى قراءة مكي وقيل الرأفة في دفع المكروه والرحمة في إيصال المحبوب والمعنى أن الواجب على المؤمنين أن يتصلبوا في دين الله ولا يأخذهم اللين في استيفاء حدوده فيعطلوا الحدود أو يخلفوا الضرب * (في دين الله) * أي في طاعة الله أو حكمه * (إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) * من باب التهيج وإلهاب الغضب لله ولدينه وجواب الشرط مضمر أي فاجلدوا ولا تعطلوا الحد * (وليشهد عذابهما) * وليحضر موضع حدهما وتسمية عذابا دليل على أنه عقوبة * (طائفة) * فرقة يمكن أن تكون حلقة ليعتبروا وينزجر هو وأقلها ثلاثة أو أربعة وهى صفة غالبة كأنها الجماعة الحافة حول شئ وعن ابن عباس رضي الله عنهما أربعة إلى أربعين رجلا * (من المؤمنين) * من المصدقين بالله * (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك) * أي الخبيث الذي من شأنه الزنا لا يرغب في نكاح الصوالح من النساء وإنما يرغب في خبيثة من شكله أو في مشركة والخبيثة المسافحة كذلك لا يرغب في نكاحها الصلحاء من الرجال وإنما يرغب فيها من هو من شكلها من الفسقة أوالمشركين فالآية تزهيد في نكاح البغايا إذ الزنا عديل الشرك في القبح والإيمان قرين العفاف والتحصن وهو نظير قوله الخبيثات للخبيثين وقيل كان نكاح الزانية محرما في أول الإسلام ثم نسخ بقوله وانكحوا الأيامى منكم وقيل المراد بالنكاح الوطء لأن غير الزاني يستقذر الزانية ولا يشتهيها وهو صحيح لكنه يؤدى إلى قولك الزاني لا يزنى إلا بزانية والزانية لا يزنى بها إلا زان وسئل صلى الله عليه وسلم عمن زنى بامرأة ثم تزوجها فقال أوله سفاح وآخره نكاح ومعنى الجملة صفة الزاني بكونه غير راغب في العفائف
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»