تفسير النسفي - النسفي - ج ٢ - الصفحة ١٣٩
يونس (84 _ 88)) فرعون * (إن كنتم مسلمين) * شرط في التوكل الإسلام وهو أن يسملوا نفوسهم لله اى يجعلو هاله سالمة خالصة لاحظ للشيطان فيها لأن التوكل لا يكون مع التخليط * (فقالوا على الله توكلنا) * إنما قالوا ذلك لأن القوم كانوا مخلصين لاجرم أن الله قبل توكلهم وأجاب دعاءهم ونجاهم وأهلك من كانوا يخافونه وجعلهم خلفاء في أرضه فمن أراد أن يصلح للتوكل على ربه فعليه برفض التخليط إلى الاخلاص * (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين) * موضع فتنة لهم أي عذاب يعذبوننا أو يفتنوننا عن ديننا أي يضلوننا والفاتن المضل عن الحق * (ونجنا برحمتك من القوم الكافرين) * أي من تعذيبهم وتسخيرهم * (وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا) * تبوأ المكان اتخذه مباءه كقوله توطنه إذا اتخذه وطنا والمعنى اجعلا بمصر بيوتا من بيوته مباءة لقومكما ومرجعا يرجعون إليه للعبادة والصلاة فيه * (واجعلوا بيوتكم قبلة) * أي مساجد متوجهة نحو القبلة وهى الكعبة وكان موسى ومن معه يصلون إلى الكعبة وكانوا في أول الأمر مأمورين بأن يصلوا في بيوتهم في خفية من الكفرة لئلا يظهروا عليهم فيؤذوهم ويفتنوهم عن دينهم كما كان المسلمون على ذلك في أول الإسلام بمكة * (وأقيموا الصلاة) * في بيوتكم حتى تأمنوا * (وبشر المؤمنين) * يا موسى ثنى الخطاب أولا ثم جمع ثم وحد آخرا لأن اختيار مواضع العبادة مما يفوض إلى الأنبياء ثم تجمع لأن اتخاذ المساجد والصلاة فيها واجب على الجمهور وخص موسى عليه السلام بالبشارة تعظيما لها وللمبشر بها * (وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة) * هو ما يتزين به من لباس أو حلى أو فرش أو أثاث أو غير ذلك * (وأموالا) * أي نقدا ونعما وضيعة * (في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك) * ليضلوا الناس عن طاعتك كوفي ولا وقف على الدنيا لأن قوله ليضلوا متعلق بآتيت وربنا تكرار الأول للالحاح في التضرع قال الشيخ أبو منصور رحمه الله إذا علم منهم أنهم يضلون الناس عن سبيله آتاهم ما آتاهم ليضلوا عن سبيله وهو كقوله إنما نملى لهم ليزدادوا إثما فتكون الآية حجة على المعتزلة * (ربنا اطمس على أموالهم) * أي أهلكها وأذهب آثاراها لأنهم يستعينون بنعمتك على معصيتك والطمس المحو والهلاك قيل صارت دراهمهم ودنانيرهم حجارة كهيئآتها منقوشة وقيل وسائر أموالهم كذلك
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»