تفسير النسفي - النسفي - ج ١ - الصفحة ٣٥
البقرة (28 _ 29)) استبدلوا النقض بالوفاء والقطع بالوصل والفساد بالصلاح والعقاب بالثواب * (كيف تكفرون بالله) * معنى الهمزة التي في كيف مثله في قولك اتكفرون بالله ومعكم ما يصرف عن الكفر ويدعو إلى الإيمان وهو الانكار والتعجب ونظيره أتطير بغير جناح وكيف تطير بغير جناح * (وكنتم أمواتا) * نطفا في أصلاب آبائكم والواو للحال وقد مضمرة والأموات جمع ميت كالأقوال جمع قول ويقال لعادم الحياة أصلا ميت أيضا كقوله تعالى * (بلدة ميتا) * * (فأحياكم) * في الأرحام * (ثم يميتكم) * عند انقضاء آجالكم * (ثم يحييكم) * للبعث * (ثم إليه ترجعون) * تصبرون إلى الجزاء أو ثم يحييكم في قبوركم ثم إليه ترجعون للنشور و إنما كان العطف الأول بالفاء والبواقي بثم لأن الإحياء الأول قد تعقب الموت بلا تراخ و اما الموت فقد تراخى عن الحياة والحياة الثانية كذلك تتراخى عن الموت إن ريد النشور و إن أريد إحياء القبر فمنه يكتسب العلم بتراخيه والرجوع إلى الجزاء أيضا متراخ عن النشور و إنما أنكر اجتماع الكفر مع القصة التي ذكرها لأنها مشتملة على آيات بينات تصرفهم عن الكفر ولأنها تشتمل على نعم جسام حقها أن تشكر ولا تكفر * (هو الذي خلق لكم ما في الأرض) * أي لأجلكم ولا نتفاعكم به في دنياكم ودينكم اما الأول فظاهر واما الثاني فالنظر فيه وما فيه من العجائب الدالة على صانع قادر حكيم عليم وما فيه من التذكير بالآخرة لأن ملاذها تذكر ثوابها ومكارهها تذكر عقابها وقد استدل الكرخي و أبو بكر الرازي والمعتزلة بقوله خلق لكم على أن الأشياء التي يصح أن ينتفع بها خلقت مباحة في الأصل * (جميعا) * نصب على الحال من ما * (ثم استوى إلى السماء) * الاستواء الاعتدال والاستقامة يقال استوى العود أي قام واعتدل ثم قيل استوى إليه كالسهم المرسل أي قصده قصدا مستويا من غير أن يلوى على شيء ومنه قوله تعالى ثم استوى إلى السماء أي اقبل وعمد إلى خلق السماوات بعد ما خلق ما في الأرض من غير أن يريد فيما بين ذلك خلق شيء آخر والمراد بالسماء جهات العلو كأنه قيل ثم استوى إلى فوق والضمير في * (فسواهن) * مبهم يفسره * (سبع سماوات) * كقولهم ربه رجلا وقيل الضمير راجع إلى السماء ولفظها واحد ومعناها الجمع لأنها في معنى الجنس ومعنى تسويتهن تعديل خلقن وتقويمه وإخلاؤه من العوج والفطور أو إتمام خلقهمن وثم هنا لبيان فضل خلق السماوات على خلق الأرض ولا يناقض هذا قوله والأرض بعد ذلك دحاها لأن جرم الأرض تقدم خلقه خلق السماء وأما دحوها فمتأخر وعن الحسن خلق الله الأرض في موضع بيت المقدس كهيئة الفهر عليها دخان ملتزق بها ثم أصعد الدخان وخلق
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»