تفسير النسفي - النسفي - ج ١ - الصفحة ٣٨
البقرة (34 _ 36)) مسعود رضي الله عنهم و لأن الأصل أن الاستثناء يكون من جنس المستثنى منه ولهذا قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك وقوله كان من الجن معناه صار من الجن كقوله فكان من المغرقين وقيل الاستثناء منقطع لأنه لم يكن من الملائكة بل كان من الجن بالنص وهو قول الحسن وقتادة ولأنه خلق من نار والملائكة خلقوا من النور و لأنه أبى وعصى واستكبر والملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ولا يستكبرون عن عبادته و لأنه قال أفتتخذونه وذريته أولياء من دونى ولا نسل للملائكة وعن الجاحظ أن الجن والملائكة جنس واحد فمن طهر منهم فهو ملك ومن خبث فهو شيطان ومن كان بين بين فهو جن * (أبى) * امتنع مما أمر به * (واستكبر) * تكبر عنه * (وكان من الكافرين) * وصار من الكافرين بابائه واستكباره ورده الأمر لا بترك العمل بالأمر لأن ترك السجود لا يخرج من الإيمان ولا يكون كفرا عند أهل السنة خلافا للمعتزلة والخوارج أو كان من الكافرين في علم الله أي وكان في علم الله أنه يكفر بعد إيمانه لا أنه كان كافرا أبدا في علم الله وهى مسألة الموافاة * (وقلنا يا آدم اسكن) * امر من سكن الدار يسكنها سكنى إذا أقام فيها ويقال سكن المتحرك سكونا * (أنت) * تأكيد للمستكن في اسكن ليصح عطف * (وزوجك) * عليه * (الجنة) * هي جنة الخلد التي وعدت للمتقين للنقل المشهور واللام للتعريف وقالت المعتزلة كانت بستانا باليمن لأن الجنة لا تكليف فيها ولا خروج عنها قلنا إنما لا يخرج منها من دخلها جزاء وقد دخل النبي عليه السلام ليلة المعراج ثم خرج منها و أهل الجنة يكلفون المعروفة والتوحيد * (وكلا منها) * من ثمارها فحذف المضاف * (رغدا) * وصف للمصدر أي اكلا رغدا واسعا * (حيث شئتما) * وبابه بغير همز أبو عمرو وحيث للمكان المبهم أي أي مكان من الجنة شئتما * (ولا تقربا هذه الشجرة) * أي الحنطة ولذا قيل كيف لا يعصى الإنسان وقوته من شجرة العصيان أو الكرمة لأنها أصل كل فتنة أو التينة * (فتكونا) * جزم عطف على تقربا أو نصب جواب للنهي * (من الظالمين) * من الذين ظلموا أنفسهم أو من الضارين أنفسهم * (فأزلهما الشيطان عنها) * أي عن الشجرة أي فحملها الشيطان على الزلة بسببها وتحقيقه فأصدر الشيطان زلتهما عنها أو فأزلهما عن الجنة بمعنى أذهبهما عنها وأبعدهما فأزالهما حمزة وزلة آدم بالخطأ في التأويل إما بحمل النهى على التنزيه دون التحريم أو بحمل اللام على تعريف العهد وكان الله تعالى أراد الجنس و الأول الوجه وهذا دليل على أنه يجوز إطلاق اسم الزلة على الأنبياء عليهم السلام كما قال مشايخ بخارى فإنه اسم الفعل يقع على خلاف الأمر من غير قصد إلى الخلاف كزلة الماشي في الطين وقال مشايخ سمرقند لا يطلق اسم الزلة على أفعالهم كما لا تطلق المعصية و إنما يقال فعلوا الفاضل وتركوا الأفضل فعوتبوا
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»