البقرة (26)) صفة له وليس كذلك وفى قولهم ماذا أراد الله بهذا مثلا استحقار كما قالت عائشة رضي الله عنها في عبد الله بن عمرو يا عجبا لابن عمر وهذا محقرة له ومثلا نصب على التمييز أو على الحال كقوله هذه ناقة الله لكم آية واما حرف فيه معنى الشرط ولذا يجاب بالفاء وفائدته في الكلام أن يعطيه فضل توكيد تقول زيد ذاهب فإذا قصدت توكيده و أنه لا محالة ذاهب قلت اما زيد فذاهب و لذا قال سيبويه في تفسيره مهما يكن من شيء فزيد ذاهب وهذا التفسير يفيد كونه تأكيدا وانه في معنى الشرط وفى إيراد الجملتين مصدرتين به و أن لم يقل فالذين آمنوا يعلمون والذين كفروا يقولون احماد عظيم لأمر المؤمنين واعتداد بليغ بعلمهم أنه الحق ونعى على الكافرين إغفالهم حظهم ورميهم بالكلمة الحمقاء وماذا فيه وجهان أن يكون ذا اسما موصولا بمعنى الذي وما استفهاما فيكون كلمتين وأن تكون ذا مركبة مع ما مجعولتين اسما واحدا للاستفهام فيكون كلمة واحدة فما على الأول رفع بالابتداء وخبره ذا مع صلته أي أراد والعائد محذوف وعلى الثاني منصوب المحل بأراد والتقدير أي شيء أراد الله والإرادة مصدر أردت الشئ إذا طلبته نفسك ومال إليه قلبك وهى عند المتكلمين معنى يقتضى تخصيص المفعولات بوجه دون وجه والله تعالى موصوف بالإرادة على الحقيقة عند أهل السنة وقال معتزلة بغداد إنه تعالى لا يوصف بالإرادة على الحقيقة فإذا قيل أراد الله كذا فإن كان فعله فمعناه أنه فعل وهو غير ساه ولا مكره عليه و إن كان فعل غيره فمعناه أنه أمر به * (يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا) * جار مجرى التفسير والبيان للجملتين المصدرتين بأما وأن فريق العالمين بأنه الحق وفريق الجاهلين المستهزئين به كلاهما موصوف بالكثرة و أن العلم بكونه حقا من باب الهدى و أن الجهل بحسن موروده من باب الضلالة و أهل الهدى كثير في أنفسهم و إنما يوصفون بالقلة بالقياس إلى أهل الضلال ولأن القليل من المهتدين كثير في الحقيقة وإن قالوا في الصورة * إن الكرام كثير في البلاد و إن * قلوا كما غيرهم قل و إن كثروا * والاضلال خلق فعل الضلال في العبد والهداية خلق فعل الاهتداء هذا هو الحقيقة عند أهل السنة وسياق الآية لبيان أن ما استنكره الجهلة من الكفار واستغربوه من أن تكون المحقرات من الأشياء مضروبا بها المثل ليس بموضع الاستنكار والاستغراب لأن التمثيل إنما يصار إليه لما فيه من كشف المعنى وإدناء المتوهم من المشاهد فإن كان المتمثل له عظيما كان المتمثل به كذلك و إن كان حقيرا كان المتمثل به كذلك ألا ترى أن الحق لما كان واضحا جليا تمثل له بالضياء والنور وأن الباطل لما كان بضد صفته تمثل له بالظلمة ولما كانت حال الآلهة التي جعلها الكفار أندادا لله لا حال أحقر منها وأقل ولذلك تجعل بيت العنكبوت مثلها في الضعف والوهن وجعلت أقل من الذباب وضربت لها البعوضة فالذي دونها مثلا لم يستنكر ولم يستبدع ولم يقل للمتمثل
(٣٣)