تفسير النسفي - النسفي - ج ١ - الصفحة ٣٦
البقرة (29 _ 31)) منه السماوات وأمسك الفهر في موضعها وبسط منها الأرض فذلك قوله تعالى * (كانتا رتقا) * وهو الالتزاق * (وهو بكل شيء عليم) * فمن ثم خلقهن خلقا مستويا محكما من غير تفاوت مع خلق ما في الأرض على حسب حاجات أهلها ومنافعهم وهو وأخواته مدنى غير ورش وهو هو و أبو عمرو وعلى جعلوا الواو كأنها من نفس الكلمة فصار بمنزلة عضد وهم يقولون في عضد عضد بالسكون لما خلق الله تعالى الأرض أسكن فيها الجن وأسكن في السماء الملائكة فأفسدت الجن في الأرض فبعث إليهم طائفة من الملائكة فطردتهم إلى جزائر البحار ورءوس الجبال وأقاموا مكانهم فأمر نبيه عليه السلام أن يذكر قصتهم فقال * (وإذ قال ربك للملائكة) * إذ نصب باضمار اذكر والملائكة جمع ملاك كالشمائل جمع شمأل والحاق التاء بتأنيث الجمع * (إني جاعل) * أي مصير من جعل الذي له مفعولان وهما * (في الأرض خليفة) * وهو من يخلف غيره فعيله بمعنى فاعلة وزيدت الهاء للمبالغة والمعنى خليفة منكم لأنهم كانوا سكان الأرض فخلقهم فيها آدم وذريته ولم يقل خلاف أو خلفاء لأنه أريد بالخليفة آدم واستغنى بذكره عن ذكر بنيه كما تستغنى بذكر أبى القبيلة في قولك مضر وهاشم أو أريد من يخلفكم أو خلفا يخلفكم فوحد لذلك أو خليفة منى لأن آدم كان خليفة الله في أرضه وكذلك كل نبي قال الله تعالى * (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض) * و إنما أخبرهم بذلك ليسألوا ذلك السؤال ويجابوا بما أجيبوا به فيعرفوا حكمته في استخلافهم قبل كونهم أو ليعلم عباده المشاورة في أمورهم قبل أن يقدموا عليها و إن كان هو بعلمه وحكمته البالغة غنيا عن المشاورة * (قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها) * تعجب من أن يستخلف مكان أهل الطاعة أهل المعصية وهو الحكيم الذي لا يجهل و إنما عرفوا ذلك باخبار من الله تعالى أو من جهة اللوح أو قاسوا أحد الثقلين على الآخر * (ويسفك الدماء) * أي يصب والواو في * (ونحن نسبح) * للحال كما تقول أتحسن إلى فلان و أنا أحق منه بالإحسان * (بحمدك) * في موضع الحال أي نسبح حامدين لك ومتلبسين بحمدك كقوله تعالى * (وقد دخلوا بالكفر) * أي دخلوا كافرين * (ونقدس لك) * ونطهر أنفسنا لك وقيل التسبيح والتقديس تبعيد الله من السوء من سبح في الأرض وقدس فيها إذا ذهب فيها و أبعد * (قال إني أعلم ما لا تعلمون) * أي اعلم من الحكم في ذلك ما هو خفى عليكم يعنى يكون فيهم الأنبساء و الأولياء والعلماء وما بمعنى الذي وهو مفعول أعلم والعائد محذوف أي مالا تعلمونه إني حجازي و أبو عمرو * (وعلم آدم) * هو اسم أعجمي وأقرب أمره أن يكون على فاعل كآزر واشتقاقهم آدم من أديم الأرض أو من الأدمة كاشتقاقهم يعقوب من العقب وإدريس من الدرس وإبليس من
(٣٦)
مفاتيح البحث: الجهل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»