البقرة (9 _ 11)) والمراد نفى الإيمان عنهم واثبات الخداع لهم ومن جعل يخادعون حالا من الضمير في يقول والعامل فيها يقول والتقدير يقول آمنا بالله مخادعين أو حالا من الضمير في بمؤمنين والعامل فيها اسم الفاعل والتقدير وما هم بمؤمنين في حال خداعهم لا يقف والوجه الأول * (والذين آمنوا) * أي يخادعون رسول الله والمؤمنين باظهار الإيمان واضمار الكفر * (وما يخدعون إلا أنفسهم) * أي وما يعاملون تلك المعالمة المشبهة بمعالمة المخادعين إلا أنفسهم لأن ضررها يلحقهم وحاصل خداعهم وهو العذاب في الآخرة يرجع إليهم فكأنهم خدعوا أنفسهم وما يخادعون أبو عمرو ونافع ومكى للمطابقة وعذر الأولين أن خدع وخادع هنا بمعنى واحد والنفس ذات الشئ وحقيقته ثم قيل للقلب والروح النفس لأن النفس بهما وللدم نفس لأن قوامها بالدم وللماء نفس لفرط حاجتها إليه والمراد بالأنفس ههنا ذواتهم والمعنى بمخادعتهم ذواتهم أن الخداع لاصق بهم لا يعودهم إلى غيرهم * (وما يشعرون) * أن حاصل خداعهم يرجع إليهم والشعور علم الشئ علم حس من الشعار وهو ثوب يلي الجسد ومشاعر الإنسان حواسه لأنها آلات الشعور والمعنى أن لحوق ضرر ذلك بهم كالمحسوس وهم لتمادى غفلتهم كالذي لا حس له * (في قلوبهم مرض) * أي شك ونفاق لأن الشك تردد بين الأمرين والمنافق متردد في الحديث مثل المنافق كمثل الشاة العاثرة بين الغنمين والمريض متردد بين الحياة والموت و لأن المرض ضد الصحة والفساد يقابل الصحة فصار المرض اسما لكل فساد والشك والنفاق فساد في القلب * (فزادهم الله مرضا) * أي ضعفا عن الانتصار وعجزا عن الاقتدار وقيل المراد به خلق النفاق في حالة البقاء بخلق أمثاله كما عرف في زيادة الإيمان * (ولهم عذاب أليم) * فعيل بمعنى مفعل أي مؤلم * (بما كانوا يكذبون) * كوفي أي بكذبهم في قولهم آمنا بالله وباليوم الآخر فما مع الفعل بمعنى المصدر والكذب الاخبار عن الشئ على خلاف ما هو به يكذبون غيرهم أي بتكذيبهم النبي عليه السلام فيما جاء به وقيل هو مبالغة في كذب كما بولغ في صدق فقيل صدق ونظيرهما بان الشئ وبين * (وإذا قيل لهم) * معطوف على يكذبون ويجوز أن يعطف على يقول آمنا لأنك لو قلت ومن الناس من إذا قيل لهم * (لا تفسدوا في الأرض) * لكان صحيحا والفساد خروج الشئ عن حال استقامته وكونه منتفعا به وضده الصلاح وهو الحصول على الحال المستقيمة النافعة والفساد في الأرض هيج الحروب والفتن لأن في ذلك فساد ما في الأرض وانتفاء الاستقامة عن أحوال الناس والزروع والمنافع الدينية والدنيوية وكان فساد المنافقين في الأرض أنهم كانوا يمايلون الكفار وممالئونهم على المسلمين بافشاء أسرارهم إليهم واغرائهم وذلك مما يؤدى إلى هيج الفتن بينهم
(١٨)