البقرة (7 _ 8)) كلوا في بعض بطنكم تعفوا لأمن اللبس ولان السمع مصدر في أصله يقال سمعت الشئ سمعا وسماعا والمصدر لا يجمع لأنه اسم جنس يقع على القليل والكثير فلا يحتاج فيه إلى التثنية والجمع فلمح الأصل وقيل المضاف محذوف اى وعلى مواضع سمعهم وقرئ على أسماعهم * (وعلى أبصارهم غشاوة) * بالرفع خبر ومبتدأ والبصر نور العين وهو ما يبصر به الرائي كما أن البصيرة نور القلب وهى ما به يستبصر ويتأمل وكأنهما جوهران لطيفان خلقهما الله تعالى فيهما آلتين للابصار والاستبصار والغشاوة الغطاء فعالة من غشاه إذا غطاه وهذا البناء لما يشتمل على الشئ كالعصابة والعمامة والقلادة والأسماع داخله في حكم الختم لا في حكم التغشية لقوله وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة ولوقفهم على سمعهم دون قلوبهم ونصب المفضل وحده غشاوة باضمار جعل وتكرير الجار في قوله وعلى سمعهم دليل على شدة الختم في الموضعين قال الشيخ الإمام أبو منصور بن علي رحمه الله الكافر لما لم يسمع قول الحق ولم ينظر في نفسه وغيره من المخلوقات ليرى آثار الحدوث فيعلم أن لا بد له من صانع جعل كأن على بصره وسمعه غشاوة وان لم يكن ذلك حقيقة وهذا دليل على أن الأسماع عنده داخله في حكم التغشية والآية حجة لنا على المعتزلة في الأصلح فإنه أخبر أنه ختم على قلوبهم ولا شك أن ترك الختم أصلح لهم * (ولهم عذاب عظيم) * العذاب مثل النكال بناء ومعنى لأنك تقول أعذب عن الشئ إذا أمسك عنه كما تقول نكل عنه والفرق بين العظيم والكبير أن العظيم يقابل الحقير والكبير يقابل الصغير فكان العظيم فوق الكبير كما أن الحقير دون الصغير ويستعملان في الجثة والأحداث جميعا تقول رجل عظيم وكبير تريد جثته أو خطره ومعنى التنكير أن على أبصارهم نوعا من التغطية غير ما يتعارفه الناس وهو غطاء التعامى عن آيات الله ولهم من بين الآلام العظام نوع عظيم من العذاب لا يعلم كنهه إلا الله * (ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر) * افتتح سبحانه وتعالى بذكر الذين أخلصوا دينهم لله وواطأت فيه قلوبهم ألسنتهم ثم ثنى بالكافرين قلوبا وألسنة ثم ثلث بالمنافقين الذين آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم وهم أخبث الكفرة لأنهم خلطوا بالكفر استهزاء وخداعا ولذا أنزل فيهم إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار وقال مجاهد أربع آيات من أول السورة في نعت المؤمنين وآيتان في ذكر الكافرين وثلاث عشرة آية في المنافقين نعى عليهم فيها نكرهم وخبثهم وسفههم واستجهلهم واستهزأ بهم وتهكم بفعلهم وسجل بطغيانهم عمههم ودعاهم صمابكما عميا وضرب لهم الأمثال الشنيعة وقصة المنافقين عن آخرها معطوفة على قصة الذين كفروا كما تعطف الجملة على الجملة وأصل ناس أناس حذفت همزته تخفيفا وحذفها كاللازم مع لام التعريف لا يكاد يقال الأناس
(١٦)