البقرة (3 _ 4)) ما هو كالعنوان لها مع ما في ذلك من الافصاح عن فضل هاتين العبادتين أو صفة مسرودة مع المتقين تفيد غير فائدتها كقولك زيد الفقيه المتكلم الطبيب ويكون المراد بالمتقين الذين يجتنبون السيئات * (يؤمنون) * يصدقون وهو إفعال من الأمن وقولهم آمنة أي صدقة وحقيقته آمنة التكذيب والمخالفة وتعديته بالباء لتضمنه معنى أقر واعترف * (بالغيب) * بما غاب عنهم مما أنبأهم به النبي عليه السلام من أمر البعث والنشور والحساب وغير ذلك فهو بمعنى الغائب تسمية بالمصدر من قولك غاب الشئ غيبا هذا إن جعلته صلة للايمان وإن جعلته حالا كان بمعنى الغيبة والخفاء أي يؤمنون غائبين عن المؤمن به وحقيقته متلبسين بالغيب والايمان الصحيح أن يقر باللسان ويصدق بالجنان والعمل ليس بداخل في الايمان * (ويقيمون الصلاة) * أي يؤدونها فعبر عن الأداء بالإقامة لأن القيام بعض أركانها كما عبر عنه بالقنوت وهو القيام وبالركوع والسجود والتسبيح لوجودها فيها أو أريد بإقامة الصلاة تعديل أركانها من أقام العود إذا قومه والدوام عليها والمحافظة من قامت السوق إذا نفقت لأنه إذا حوفظ عليها كانت كالشئ النافق الذي تتوجه إليه الرغبات و إذا أضيعت كانت كالشئ الكاسد الذي لا يرغب فيه والصلاة فعلة من صلى كالزكاة من زكى وكتابتها بالواو على لفظ المفخم وحقيقة صلى حرك الصلوين اى الأليتين لأن المصلى يفعل ذلك في ركوعه وسجوده وقيل للداعي مصل تشبيها له في تخشعه بالراكع والساجد * (ومما رزقناهم) * أعطيناهم وما بمعنى الذي * (ينفقون) * يتصدقون أدخل من التبعيضية صيانة لهم عن التبذير المنهى عنه وقدم المفعول دلالة على كونه أهم والمراد به الزكاة لاقترانه بالصلاة التي هي أختها أو هي وغيرها من النفقات في سبل الخير لمجيئة مطلقا وأنفق الشئ وأنفذه إخوان كنفق الشئ ونفد وكل ما جاء مما فاؤه نون وعينه فاء فدال على معنى الخروج والذهاب ودلت الآية على أن الأعمال ليست من الإيمان حيث عطف الصلاة والزكاة على الايمان والعطف يقتضى المغايرة * (والذين يؤمنون) * هم مؤمنو أهل الكتاب كعبد الله بن سلام وأضرابه من الذين آمنوا بكل وحى أنزل من عند الله وأيقنوا بالآخرة إيقانا زال معه ما كانوا عليه ن أنه لا يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى و أن النار لن تمسهم إلا أياما معدودات ثم إن عطفتهم على الذين يؤمنون بالغيب دخلوا في جملة المتقين و إن عطفتهم على المتقين لم يدخلوا فكأنه قيل هدى للمتقين وهدى للذين يؤمنون بما أنزل إليك أو المارد به وصف الأولين ووسط العاطف كما يوسط بين الصفات في قولك هو الشجاع والجواد وقوله * إلى الملك القرم وابن الهمام * وليث الكتيبة في المزدحم * والمعنى أنهم الجامعون بين تلك الصفات وهذه * (بما أنزل إليك) * يعنى القرآن والمراد جميع القرآن لا القدر الذي سبق إنزاله وقت إيمانهم لأن الإيمان بالجميع واجب و إنما عبر عنه بلفظ
(١٣)