تفسير النسفي - النسفي - ج ١ - الصفحة ١٧
البقرة (8 _ 9)) ويشهد لأصله إنسان وأناس وإنس وسموا به لظهورهم وانهم يؤنسون أي يبصرون كما سمى الجن لاجتنانهم ووزن ناس فعال لأن الزنة على الأصول فإنك تقول وزن قه افعل وليس معك إلا العين وهو من أسماء الجمع ولام التعريف فيه للجنس ومن موصوفة ويقول صغة لها كأنه قيل ومن الناس ناس يقولون كذا و إنما خصوا الايمان بالله وباليوم الآخر وهو الوقت الذي لا حد له وهو الأبد الدائم الذي لا ينقطع و إنما سمى بالآخر لتأخره عن الأوقات المنقضية أو الوقت المعهود من النشور إلى أن يدخل أهل الجنة الجنة و أهل النار النار لأنهم أوهموا في هذا المقال أنهم أحاطوا بجانبي الإيمان أوله وآخره وهذا لأن حاصل المسائل الاعتقادية يرجع إلى مسائل المبدأ وهى العلم بالصانع وصفاته وأسمائه ومسائل المعاد وهى العلم بالنشور والبعث من القبور والصراط والميزان وسائر أحوال الآخرة وفى تكرير الباء إشارة إلى أنهم ادعوا كل واحد من الإيمانيين على صفة الصحة والاستحكام إنما طابق قوله * (وما هم بمؤمنين) * وهو في ذكر شأن الفاعل لا الفعل قولهم آمنا بالله وباليوم الآخر وهو في ذكر شأن الفعل لا الفاعل لأن المراد انكار ما ادعوه ونفيه على أبلغ وجه وآكده وهو اخراج ذواتهم من أن تكون طائفة من المؤمنين ونحوه قوله تعالى * (يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها) * فهوأبلغ من قولك وما يخرجون منها وأطلق الإيمان في الثاني بعد تقييده في الأول لأنه يحتمل أن يراد التقييد ويترك لدلالة المذكور عليه ويحتمل أن يراد نفى أصل الإيمان وفى ضمنه نفى المذكور أولا والآية تنفى قول الكرامية أن الإيمان هو الاقرار باللسان لا غير لأنه نفى عنهم اسم الإيمان مع وجود الاقرار منهم وتؤيد قول أهل السنة إنه إقرار باللسان وتصديق بالجنان ودخلت الباء في خبر ما مؤكدة للنفي لأنه يستدل به السامع على الجحد إذا غفل عن أول الكلام ومن موحد اللفظ فلذا قيل يقول وجمع وما هم بمؤمنين نظرا إلى معناه * (يخادعون الله) * أي رسول الله فحذف المضاف كقوله * (واسأل القرية) * كذا قاله أبو علي رحمه الله وغيره أي يظهرون غير ما في أنفسهم فالخداع اظهار غير ما في النفس وقد رفع الله منزلة النبي صلى الله عليه وسلم حيث جعل خداعه خداعه وهو كقوله * (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم) * وقيل معناه يخادعون الله في زعمهم لأنهم يظنون أن الله ممن يصح خداعه وهذا المثال يقع كثيرا لغير اثنين نحو قولك عاقبت اللص وقد قرئ يخدعون الله وهو بيان ليقول أو مستأنف كأنه قيل ولم يدعون الإيمان كاذبين ومامنفعتهم في ذلك فقيل يخادعون الله ومنفعتهم في ذلك متاركتهم عن المحاربة التي كانت مع من سواهم من الكفار واجراء أحكام المؤمنين عليهم ونيلهم من الغنائم وغير ذلك قال صاحب الوقوف الوقف لازم على بمؤمنين لأنه لو وصل لصار التقدير وما هم بمؤمينن مخادعين فينتفى الوصف كقولك ما هو برجل كاذب
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»