تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٣١٩
سورة المؤمنون من الآية 109 وحتى الآية 114 وأقبل بعضهم ينبح في وجه بعض وأطبقت عليهم 109 (إنه) الهاء في (إنه) عماد وتسمى أيضا المجهولة (كان فريق من عبادي) وهم المؤمنون (يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين) 110 (فاتخذتموهم سخريا) قرأ أهل المدينة وحمزة والكسائي (سخريا) بضم السين هاهنا وفي سورة ص وقرأ الباقون بكسرهما واتفقوا على الضم في سورة الزخرف قال الخليل هما لغتان مثل قولهم بحر لجي ولجى بضم اللام وكسرها مثل كوكب دري ودري قال الفراء والكسائي الكسر بمعنى الاستهزاء بالقول والضم بمعنى التسخير والاستعباد بالفعل واتفقوا في سورة الزخرف بأنه بمعنى التسخير (حتى أنسوكم) أي أنساكم اشتغالكم بالاستهزاء بهم وتسخيرهم (ذكري وكنتم منهم تضحكون) نظيره (إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون) قال مقاتل نزلت في بلال وعمار وخباب وصهيب وسلمان والفقراء من الصحابة كان كفار قريش يستهزؤون بهم 111 (إني جزيتهم اليوم بما صبروا) على أذاكم واستهزائكم في الدنيا (أنهم هم الفائزون) قرأ حمزة والكسائي (أنهم) بكسر الألف على الاستئناف وقرأ الآخرون بفتحها فيكون في موضع المفعول الثاني إني جزيتهم اليوم بصبرهم الفوز بالجنة 112 (قال كم لبثتم) قرأ حمزة والكسائي وقل إن على الأمر والنهى ومعنى الآية قولوا أيها الكافرون فأخرج الكلام مخرج الواحد والمراد منه الجماعة إذ كان معناه مفهوما ويجوز أن يكون الخطاب لكل واحد منهم أي قل يا أيها الكافرون وقرأ ابن كثير قل كم على الأمر وقال أن على الخبر لأن الثانية جواب وقرأ الآخرون قال فيهما جميعا أي قال الله تعالى للكفار يوم البعث كم لبثتم (في الأرض) أي في الدنيا وفي القبور (عدد سنين) 113 (قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم) نسوا مدة لبثهم في الدنيا لعظم ما هم بصدده من العذاب (فاسئل العادين) الملائكة الذين يحفظون أعمال بني آدم ويحصونها عليهم 114 (قال إن لبثتم) أي ما لبثتم في الدنيا (إلا قليلا) سماه قليلا لأن الواحد وإن طال مكثه في الدنيا فإنه يكون قليلا في جنب ما يلبث في الآخرة لأن لبثه في الدنيا والقبر متناه (لو أنكم كنتم تعلمون) قدر لبثكم في الدنيا
(٣١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 ... » »»