تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ١٦٢
سورة البقرة 191 193 مع أصحابه للعمرة وكانوا ألفا وأربعمائة فساروا حتى نزلوا الحديبية فصدهم المشركون عن البيت الحرام فصالحهم على أن يرجع عامه ذلك على أن يخلوا له مكة العام القابل ثلاثة أيام فيطوف بالبيت فلما كان العام القابل تجهز رسول الله وأصحابه لعمرة القضاء وخافوا أن لا تفي قريش بما قالوا وأن يصدوهم عن البيت الحرام وكره أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قتالهم في الشهر الحرام وفي الحرم فأنزل الله تعالى (وقاتلوا في سبيل الله) يعني محرمين (الذين يقاتلونكم) يعني قريشا (ولا تعتدوا) فتبدؤا بالقتال في الحرم محرمين (إن الله لا يحب المعتدين) 191 (واقتلوهم حيث ثقفتموهم) قيل نسخت الآية الأولى بهذه الآية وأصل الثقافة الحذق والبصر بالأمر ومعناه واقتلوهم حيث أبصرتم مقاتلتهم وتمكنتم من قتلهم (وأخرجوهم من حيث أخرجوكم) وذلك أنهم أخرجوا المسلمين من مكة فقال أخرجوهم من ديارهم كما أخرجوكم من دياركم (والفتنة أشد من القتل) يعني شركهم بالله عز وجل أشد وأعظم من قتلكم إياهم في الحرم والإحرام (ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم) قرأ حمزة والكسائي (ولا تقتلوهم حتى يقتلوكم فإن قتلوكم) بغير ألف فيهن من القتل على معنى ولا تقتلوا بعضهم تقول العرب قتلنا بني فلان وإنما قتلوا بعضهم وقرأ الباقون بالألف من القتال وكان هذا في ابتداء الإسلام كان لا يحل بدايتهم بالقتال في البلد الحرام ثم صار منسوخا بقوله تعالى (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة) هذا قول قتادة وقال مقاتل بن حبان قوله (واقتلوهم حيث ثقفتموهم) أي حيث أدركتموهم في الحل والحرم صارت هذه الآية منسوخة بقوله تعالى (ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام) ثم نسختها آية السيف في براءة فهي ناسخة منسوخة وقال مجاهد وجماعة هذه الآية محكمة ولا يجوز الابتداء بالقتال في الحرم (كذلك جزاء الكافرين) 192 (فإن انتهوا) عن القتال والكفر (فإن الله غفور رحيم) أي غفور لما سلف رحيم بالعباد 193 (وقاتلوهم) يعني المشركين (حتى لا تكون فتنة) أي شرك يعني قاتلوهم حتى يسلموا فلا يقبل من الوثني إلا الإسلام فإن أبى قتل (ويكون الدين) أي الطاعة والعبادة (لله) وحده فلا
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»