ما أثبت فيه أعمال العباد. وقوله (إلا في كتاب من قبل أن نبرأها) قيل إشارة إلى اللوح المحفوظ، وكذا قوله (إن ذلك في كتاب - إن ذلك على الله يسير) وقوله: (ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين - في الكتاب مسطورا - لولا كتاب من الله سبق) يعنى به ما قدره من الحكمة وذلك إشارة إلى قوله (كتب ربكم على نفسه الرحمة) وقيل إشارة إلى قوله (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم) وقوله (لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) يعنى ما قدره وقضاه وذكر لنا ولم يقل علينا تنبيها أن كل ما يصيبنا نعده نعمة لنا ولا نعده نقمة علينا، وقوله (ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم) قيل معنى ذلك وهبها الله لكم ثم حرمها عليكم بامتناعكم من دخولها وقبولها، وقيل كتب لكم بشرط أن تدخلوها، وقيل أوجبها عليكم، وإنما قال لكم ولم يقل عليكم لان دخولهم إياها يعود عليهم بنفع عاجل وآجل فيكون ذلك لهم لا عليهم وذلك كقولك لمن يرى تأذيا بشئ لا يعرف نفع مآله: هذا الكلام لك لا عليك، وقوله:
(وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا) جعل حكمهم وتقديرهم ساقطا مضمحلا وحكم الله عاليا لا دافع له ولا مانع، وقال تعالى: (وقال الذين أوتوا العلم والايمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث) أي في علمه وإيجابه وحكمه وعلى ذلك قوله (لكل أجل كتاب) وقوله (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله) أي في حكمه. ويعبر بالكتاب عن الحجة الثابتة من جهة الله نحو (ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير - أم آتيناهم كتابا من قبله فأتوا بكتابكم - أوتوا الكتاب - كتاب الله - أم آتيناهم كتابا - فهم يكتبون) فذلك إشارة إلى العلم والتحقق والاعتقاد، وقوله (وابتغوا ما كتب الله لكم) إشارة في تحرى النكاح إلى لطيفة وهي أن الله جعل لنا شهوة النكاح لنتحرى طلب النسل الذي يكون سببا لبقاء نوع الانسان إلى غاية قدرها، فيجب للانسان أن يتحرى بالنكاح ما جعل الله له على حسب مقتضى العقل والديانة، ومن تحرى بالنكاح حفظ النسل وحصانة النفس على الوجه المشروع فقد ابتغى ما كتب الله له وإلى هذا أشار من قال: عنى بما كتب الله لكم الولد ويعبر عن الايجاد بالكتابة وعن الإزالة والافناء بالمحو.
قال: (لكل أجل كتاب - يمحو الله ما يشاء ويثبت) نبه أن لكل وقت إيجادا وهو يوجد ما تقتضي الحكمة إيجاده ويزيل ما تقتضي الحكمة إزالته، ودل قوله (لكل أجل كتاب) على نحو ما دل عليه قوله (كل يوم هو في شأن) وقوله: (وعنده أم الكتاب) وقوله: