مفردات غريب القرآن - الراغب الأصفهانى - الصفحة ٤٢١
تنبيها أن العمرة هي الحجة الصغرى كما قال صلى الله عليه وسلم " العمرة هي الحج الأصغر " فمن ذلك ما اعتبر فيه الزمان فيقال فلان كبير أي مسن نحو قوله: (إما يبلغن عندك الكبر أحدهما) وقال: (وأصابه الكبر - وقد بلغني الكبر) ومنه ما اعتبر فيه المنزلة والرفعة نحو (قل أي شئ أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم) ونحو (الكبير المتعال) وقوله:
(فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم) فسماه كبيرا بحسب اعتقادهم فيه لا لقدر ورفعة له على الحقيقة، وعلى ذلك قوله: (بل فعله كبيرهم هذا) وقوله: (وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها) أي رؤساءها وقوله: (إنه لكبيركم الذي علمكم السحر) أي رئيسكم ومن هذا النحو يقال ورثه كابرا عن كابر، أي أبا كبير القدر عن أب مثله. والكبيرة متعارفة في كل ذنب تعظم عقوبته والجمع الكبائر، قال (الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش إلا اللمم) وقال: (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه) قيل أريد به الشرك لقوله: (إن الشرك لظلم عظيم) وقيل هي الشرك وسائر المعاصي الموبقة كالزنا وقتل النفس المحرمة ولذلك قال (إن قتلهم كان خطأ كبيرا) وقال: (قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما) وتستعمل الكبيرة فيما يشق ويصعب نحو (وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين)، وقال: (كبر على المشركين ما تدعوهم إليه) وقال (وإن كان كبر عليك إعراضهم) وقوله (كبرت كلمة) ففيه تنبيه على عظم ذلك من بين الذنوب وعظم عقوبته ولذلك قال (كبر مقتا عند الله) وقوله (والذي تولى كبره) إشارة إلى من أوقع حديث الإفك. وتنبيها أن كل من سن سنة قبيحة يصير مقتدى به فذنبه أكبر. وقوله: (إلا كبر ما هم ببالغيه) أي تكبر وقيل أمر كبير من السن كقوله (والذي تولى كبره) والكبر والتكبر والاستكبار تتقارب، فالكبر الحالة التي يتخصص بها الانسان من إعجابه بنفسه وذلك أن يرى الانسان نفسه أكبر من غيره. وأعظم التكبر التكبر على الله بالامتناع من قبول الحق والاذعان له بالعبادة. والاستكبار يقال على وجهين، أحدهما: أن يتحرى الانسان ويطلب أن يصير كبيرا وذلك متى كان على ما يجب وفى المكان الذي يجب وفى الوقت الذي يجب فمحمود، والثاني: أن يتشبع فيظهر من نفسه ما ليس له وهذا هو المذموم وعلى هذا ما ورد في القرآن.
وهو ما قال تعالى: (أبى واستكبر). وقال تعالى (أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم)، وقال (وأصروا واستكبروا استكبارا - استكبارا في الأرض - فاستكبروا في الأرض - يستكبرون
(٤٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 416 417 418 419 420 421 422 423 424 425 426 ... » »»
الفهرست