مفردات غريب القرآن - الراغب الأصفهانى - الصفحة ٤٢٢
في الأرض بغير الحق) وقال (إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء - قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون) وقوله (فيقول الضعفاء للذين استكبروا) قابل المستكبرين بالضعفاء تنبيها أن استكبارهم كان بما لهم من القوة من البدن والمال (قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا) فقابل المستكبرين بالمستضعفين (فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين) نبه بقوله فاستكبروا على تكبرهم وإعجابهم بأنفسهم وتعظمهم عن الاصغاء إليه، ونبه بقوله: (وكانوا قوما مجرمين) أن الذي حملهم على ذلك هو ما تقدم من جرمهم وأن ذلك لم يكن شيئا حدث منهم بل كان ذلك دأبهم قبل. وقال تعالى: (فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون) وقال بعده: (إنه لا يحب المستكبرين) والتكبر يقال على وجهين، أحدهما: أن تكون الأفعال الحسنة كثيرة في الحقيقة وزائدة على محاسن غيره وعلى هذا وصف الله تعالى بالتكبر. قال: (العزيز الجبار المتكبر). والثاني: أن يكون متكلفا لذلك متشبعا وذلك في وصف عامة الناس نحو قوله (فبئس مثوى المتكبرين)، وقوله:
(كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار) ومن وصف بالتكبر على الوجه الأول فمحمود، ومن وصف به على الوجه الثاني فمذموم، ويدل على أنه قد يصح أن يوصف الانسان بذلك ولا يكون مذموما، قوله:
(سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق) فجعل متكبرين بغير الحق، وقال (على كل قلب متكبر جبار) بإضافة القلب إلى المتكبر. ومن قرأ بالتنوين جعل المتكبر صفة للقلب، والكبرياء الترفع عن الانقياد وذلك لا يستحقه غير الله فقال:
(وله الكبرياء في السماوات والأرض) ولما قلنا روى عنه صلى الله عليه وسلم يقول عن الله تعالى " الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني في واحد منهما قصمته " وقال تعالى:
(قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض)، وأكبرت الشئ رأيته كبيرا، قال: (فلما رأينه أكبرنه) والتكبير يقال لذلك ولتعظيم الله تعالى بقولهم الله أكبر ولعبادته واستشعار تعظيمه وعلى ذلك (ولتكبروا الله على ما هداكم - وكبره تكبيرا)، وقوله: (لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون) فهي إشارة إلى ما خصهما الله تعالى به من عجائب صنعه وحكمته التي لا يعلمها إلا قليل ممن وصفهم بقوله (ويتفكرون في خلق السماوات والأرض) فأما عظم جثتهما فأكثرهم يعلمونه. وقوله
(٤٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 417 418 419 420 421 422 423 424 425 426 427 ... » »»
الفهرست