مفردات غريب القرآن - الراغب الأصفهانى - الصفحة ٤١٧
هو قائم على كل نفس بما كسبت) أي حافظ لها. وقوله تعالى: (ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة) وقوله: (إلا ما دمت عليه قائما) أي ثابتا على طلبه. ومن القيام الذي هو العزم قوله: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة) وقوله: (يقيمون الصلاة) أي يديمون فعلها ويحافظون عليها. والقيام والقوام اسم لما يقوم به الشئ أي يثبت، كالعماد والسناد لما يعمد ويسند به، كقوله:
(ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما) أي جعلها مما يمسككم.
وقوله: (جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس) أي قواما لهم يقوم به معاشهم ومعادهم. قال الأصم: قائما لا ينسخ، وقرئ قيما بمعنى قياما وليس قول من قال جمع قيمة بشئ ويقال قام كذا وثبت وركز بمعنى. وقوله (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) وقام فلان مقام فلان إذا ناب عنه. قال (فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان).
وقوله (دينا قيما) أي ثابتا مقوما لأمور معاشهم ومعادهم. وقرئ قيما مخففا من قيام وقيل هو وصف نحو قوم عدى ومكان سوى ولحم رذى وماء روى، وعلى هذا قوله (ذلك الدين القيم) وقوله: (ولم يجعل له عوجا قيما) وقوله: (وذلك دين القيمة) فالقيمة ههنا اسم للأمة القائمة بالقسط المشار إليهم بقوله (كنتم خير أمة) وقوله: (كونوا قوامين بالقسط شهداء لله - يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة) فقد أشار بقوله صحفا مطهرة إلى القرآن وبقوله (كتب قيمة) إلى ما فيه من معاني كتب الله تعالى فإن القرآن مجمع ثمرة كتب الله تعالى المتقدمة. وقوله: (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) أي القائم الحافظ لكل شئ والمعطى له ما به قوامه وذلك هو المعنى المذكور في قوله:
(الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى) وفى قوله (أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت) وبناء قيوم فيعول، وقيام فيعال نحو ديون وديان، والقيامة عبارة عن قيام الساعة المذكور في قوله (ويوم تقوم الساعة - يوم يقوم الناس لرب العالمين - وما أظن الساعة قائمة) والقيامة أصلها ما يكون من الانسان من القيام دفعة واحدة أدخل فيها الهاء تنبيها على وقوعها دفعة، والمقام يكون مصدرا واسم مكان القيام وزمانه نحو (إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري - ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد - ولمن خاف مقام ربه - واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى - فيه آيات بينات مقام إبراهيم) وقوله (وزروع ومقام كريم - إن المتقين في مقام أمين - خير مقاما وأحسن نديا) وقال (وما منا إلا له مقام معلوم) وقال (أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك) قال الأخفش: في قوله (قبل أن تقوم
(٤١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 ... » »»
الفهرست